Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 119-119)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
موقع هذه الآية من اللواتي قبلها كموقع قوله السابق { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا } سورة النحل 110 . فلما ذكرت أحوال أهل الشرك وكان منها ما حرّموه على أنفسهم ، وكان المسلمون قد شاركوهم أيام الجاهلية في ذلك ، ووردت قوارع الذمّ لما صنعوا ، كان مما يتوهم علوقه بأذهان المسلمين أن يحسبوا أنهم سينالهم شيء من غمص لما اقترفوه في الجاهلية ، فطمأن الله نفوسهم بأنهم لما تابوا بالإقلاع عن ذلك بالإسلام وأصلحوا عملهم بعد أن أفسدوا فإن الله قد غفر لهم مغفرة عظيمة ورحمهم رحمة واسعة . ووقع الإقبال بالخطاب على النبي إيماءً إلى أن تلك المغفرة من بركات الدين الذي أرسل به . وذكر اسم الرب مضافاً إلى ضمير النبي للنكتة المتقدمة آنفاً في قوله { ثم إن ربك للذين هاجروا } . والجهالة انتفاء العلم بما يجب . والمراد جهالتهم بأدلّة الإسلام . و { ثمّ } للترتيب الرتبي ، لأن الجملة المعطوفة بــــ { ثمّ } تضمّنت حكم التوبة وأن المغفرة والرحمة من آثارها ، وذلك أهم عند المخاطبين مما سبق من وعيد ، أي الذين عملوا السوء جاهلين بما يدلّ على فساد ما علموه . وذلك قبل أن يستجيبوا لدعوة الرسول فإنهم في مدّة تأخّرهم عن الدخول في الإسلام موصوفون بأنهم أهل جهالة وجاهلية ، أو جاهلين بالعقاب المنتظر على معصية الرسول وعنادهم إياه . ويدخل في هذا الحكم من عمل حَراماً من المسلمين جاهلاً بأنه حرام وكان غير مقصّر في جهله . وقد تقدم عند قوله تعالى { إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة } في سورة النساء 17 . وقوله { إن ربك من بعدها } تأكيد لفظي لقوله { ثم إن ربك } لزيادة الاهتمام بالخبر على الاهتمام الحاصل بحرف التوكيد ولام الابتداء . ويتصل خبر { إنّ } باسمها لبعد ما بينهما . ووقع الخبر بوصف الله بصفة المبالغة في المغفرة والرحمة ، وهو كناية عن غفرانه لهم ورحمته إيّاهم في ضمن وصف الله بهاتين الصفتين العظيمتين . والباء في { بجهالة } للملابسة ، وهي في موضع الحال من ضمير { عملوا } . وضمير { من بعدها } عائد إلى الجهالة أو إلى التوبة .