Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 1-1)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } . لمّا كان معظم أغراض هذه السورة زجر المشركين عن الإشراك وتوابعه وإنذارهم بسوء عاقبة ذلك ، وكان قد تكرّر وعيدهم من قبل في آيات كثيرة بيوم يكون الفارقَ بين الحق والباطل فتزول فيه شوكتهم وتذهب شدّتهم . وكانوا قد استبطأوا ذلك اليوم حتى اطمأنوا أنه غير واقع فصاروا يهزأون بالنبي ــــ عليه الصلاة والسلام ــــ والمسلمين فيستعجلون حلول ذلك اليوم . صدّرت السورة بالوعيد المصوغ في صورة الخبر بأن قد حلّ ذلك المتوعد به . فجيء بالماضي المراد به المستقبل المحققُ الوقوع بقرينة تفريع { فلا تستعجلوه } ، لأن النهي عن استعجال حلول ذلك اليوم يقتضي أنه لما يحل بعد . والأمر مصدر بمعنى المفعول ، كالوعد بمعنى الموعود ، أي ما أمر الله به . والمرادُ من الأمر به تقديره وإرادة حصوله في الأجل المسمّى الذي تقتضيه الحكمة . وفي التعبير عنه بأمر الله إبهام يفيد تهويله وعظمته لإضافته لمن لا يعظم عليه شيء . وقد عبّر عنه تارات بوعد الله ومرّات بأجل الله ونحو ذلك . والخطاب للمشركين ابتداء لأن استعجال العذاب من خصالهم ، قال تعالى { ويستعجلونك بالعذاب } سورة الحج 47 ويجوز أن يكون شاملاً للمؤمنين لأن عذاب الله وإن كان الكافرون يستعجلون به تهكّماً لظنّهم أنه غير آتٍ ، فإن المؤمنين يضمرون في نفوسهم استبطاءه ويحبّون تعجيله للكافرين . فجملة { فلا تستعجلوه } تفريع على { أتى أمر الله } وهي من المقصود بالإنذار . والاستعجال طلب تعجيل حصول شيء ، فمفعوله هو الذي يقع التعجيل به . ويتعدّى الفعل إلى أكثر من واحد بالباء فقالوا استعجل بكذا . وقد مضى في سورة الأنعام 57 قوله تعالى { ما عندي ما تستعجلون به } فضمير { تستعجلوه } إما عائد إلى الله تعالى ، أي فلا تستعجلوا الله . وحذف المتعلق بــــ { تستعجلوه } لدلالة قوله { أتى أمر الله } عليه . والتقدير فلا تستعجلوا الله بأمره ، على نحو قوله تعالى { سأوريكم آياتي فلا تستعجلون } سورة الأنبياء 37 . وقيل الضمير عائد إلى أمر { الله } ، وعليه تكون تعدية فعل الاستعجال إليه على نزع الخافض . والمراد من النهي هنا دقيق لم يذكروه في موارد صيغ النهي . ويجدر أن يكون للتسوية كما ترد صيغة الأمر للتسوية ، أي لا جدوى في استعجاله لأنه لا يعجّل قبل وقته المؤجّل له . مستأنفة استئنافاً ابتدائياً لأنها المقصود من الوعيد ، إذ الوعيد والزّجر إنما كانا لأجل إبطال الإشراك ، فكانت جملة { أتى أمر الله } كالمقدمة ، وجملة { سبحانه وتعالى عما يشركون } كالمقصد . و ما في قوله { عما يشركون } مصدرية ، أي عن إشراكهم غيره معه . وقرأ الجمهور { يشركون } بالتحتية على طريقة الالتفات ، فعدل عن الخطاب ليختص التبرؤ من شأنهم أن ينزلوا عن شرف الخطاب إلى الغيبة . وقرأه حمزة والكسائي بالمثناة الفوقية تبعاً لقوله { فلا تستعجلوه } .