Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 57-57)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عطف على جملة { ويجعلون لما لا يعلمون نصيباً مما رزقناهم } سورة النحل 56 . هذا استدلال بنعمة الله عليهم بالبنين والبنات ، وهي نعمة النّسل ، كما أشار إليه قوله تعالى { ولهم ما يشتهون } ، أي ما يشتهون مما رزقناهم من الذّرية . وأدمج في هذا الاستدلال وهذا الامتنان ذكرُ ضرب شنيع من ضروب كفرهم . وهو افتراؤهم أن زعموا أن الملائكة بنات الله من سروات الجنّ ، كما دل عليه قوله تعالى { وجعلوا بينه وبين الجنّة نسباً } سورة الصافات 158 . وهو اعتقاد قبائل كنانة وخزاعة . والجعل هنا النسبة بالقول . و { سبحانه } مصدر نائب عن الفعل ، وهو منصوب على المفعولية المطلقة ، وهو في محل جملة معترضة وقعت جواباً عن مقالتهم السيّئة التي تضمّنتها حكاية { ويجعلون لله البنات } إذ الجعل فيه جعل بالقول ، فقوله { سبحانه } مثل قولهم حاش لله ومعاذَ الله ، أي تنزيهاً له عن أن يكون له ذلك . وإنما قدم { سبحانه } على قوله { ولهم ما يشتهون } ليكون نصّاً في أن التّنزيه عن هذا الجعل لذاته وهو نسبة البنوّة لله ، لا عن جعلهم له خصوص البنات دون الذكور الذي هو أشدّ فظاعة ، كما دلّ عليه قوله تعالى { ولهم ما يشتهون } ، لأن ذلك زيادة في التّفظيع ، فقوله { ولهم ما يشتهون } جملة في موضع الحال . وتقديم الخبر في الجملة للاهتمام بهم في ذلك على طريقة التهكّم . وما صدق { ما يشتهون } الأبناء الذكور بقرينة مقابلته بالبنات ، وقوله تعالى { وإذا بشر أحدهم بالأنثى } سورة النحل 58 ، أي والحال أن لهم ذكوراً من أبنائهم فهلّا جعلوا لله بنين وبنات . وهذا ارتقاء في إفساد معتقدهم بحسب عرفهم وإلا فإنه بالنسبة إلى الله سواء للاستواء في التولّد الذي هو من مقتضى الحدوث المنزّه عنه واجب الوجود . وسيخصّ هذا بالإبطال في قوله تعالى { ويجعلون لله ما يكرهون } سورة النحل 62 . ولهذا اقتصر هنا على لفظ البنات الدالّ على الذّوات ، واقتصر على أنهم يشتهون الأبناء ، ولم يتعرّض إلى كراهتهم البنات وإن كان ذلك مأخوذاً بالمفهوم لأن ذلك درجة أخرى من كفرهم ستخصّ بالذّكر .