Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 17-17)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَتَرَى ٱلشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ ٱلْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَهُمْ فِى فَجْوَةٍ مِّنْهُ } . عطف بعض أحوالهم على بعض . انتقل إلى ذكره بمناسبة الإشارة إلى تحقيق رجائهم في ربهم حين قال بعضهم لبعض { ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيىء لكم من أمركم مرفقاً } الكهف 16 . وهذا حال عظيم وهو ما هيأ الله لهم في أمرهم من مرفق ، وأن ذلك جزاؤهم على اهتدائهم وهو من لطف الله بهم . والخطاب لغير معين . والمعنى يَرى مَن تُمكنه الرؤيةُ . وهذا كثير في الاستعمال ، ومنه قول النابغة @ ترى عافيات الطير قد وثقت لها بشبع من السُخل العتاق الأكايل @@ وقد أوجز من الخبر أنهم لما قال بعضهم لبعض { فأووا إلى الكهف } الكهف 16 أنهم أووا إليه . والتقدير فأخذوا بنصيحته فأووا إلى الكهف . ودل عليه قوله في صدر القصة { إذ أوى الفتية إلى الكهف } الكهف 10 فرُد عجزُ الكلام على صدره . و { تزاور } مضارع مشتق من الزور ــــ بفتح الزاي ــــ ، وهو المَيل . وقرأه نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ــــ بفتح التاء وتشديد الزاي بعدها ألف وفتح الواو ــــ . وأصله تتزاور ــــ بتاءين أدغمت تاء التفاعل في الزاي تخفيفاً ــــ . وقرأه عاصم وحمزة والكسائي وخلف ــــ بتخفيف الزاي ــــ على حذف إحدى التاءين وهي تاء المضارعة للتخفيف اجتزاء برفع الفعل الدال على المضارعة ــــ . وقرأه ابن عامر ويعقوب { تزور } ــــ بفتح التاء بعدها زاي ساكنة وبفتح الواو وتشديد الراء ــــ بوزن تَحْمَرُّ . وكلها أبنية مشتقة من الزَوَر بالتحريك ، وهو الميل عن المكان ، قال عنترة @ فازورّ من وقع القنَا بلبَانِه @@ أي مال بعض بدنه إلى بعض وانقبض . والإتيان بفعل المضارعة للدلالة على تكرر ذلك كل يوم . و { تقرضهم } أي تنصرف عنهم . وأصل القَرْض القطع ، أي أنها لا تطلع في كهفهم . و { ذات اليمين وذات الشمال } بمعنى صاحبة ، وهي صفة لمحذوف يدل عليه الكلام ، أي الجهة صاحبة اليمين . وتقدم الكلام على { ذات } عند قوله تعالى { وأصلحوا ذات بينكم } في سورة الأنفال 1 . والتعريف في { اليمين } ، و { الشمال } عوض عن المضاف إليه ، أي يمين الكهف وشماله ، فيدل على أن فم الكهف كان مفتوحاً إلى الشمال الشرقي ، فالشمس إذا طلعت تطلع على جانب الكهف ولا تخترقه أشعتُها ، وإذا غربتْ كانت أشعتها أبعد عن فم الكهف منها حينَ طلوعها . وهذا وضع عجيب يسّره الله لهم بحكمته ليكون داخلُ الكهف بحالة اعتدال فلا ينتاب البِلى أجسادَهم ، وذلك من آيات قدرة الله . والفجوة المتسع من داخل الكهف ، بحيث لم يكونوا قريبين من فم الكهف . وفي تلك الفجوة عون على حفظ هذا الكهف كما هو . { ذٰلِكَ مِنْ ءَايَاتِ ٱللَّهِ } الإشارة بقوله { ذلك } إلى المذكور من قوله { وترى الشمس } . وآيات الله دلائل قدرته وعنايته بأوليائه ومؤيدي دين الحق . والجملة معترضة في خلال القصة للتنويه بأصحابها . والإشارةُ للتعظيم . استئناف بياني لما اقتضاه اسمُ الإشارة من تعظيم أمر الآية وأصحابِها . وعموم مَن الشرطية يشمل المتحدَث عنهم بقرينة المقام . والمعنى أنَهم كانوا مهتدين لأن الله هداهم فيمن هدى ، تنبيهاً على أن تيسير ذلك لهم من الله هو أثر تيسيرهم لليسرى والهُدى ، فأبلغهم الحق على لسان رسولهم ، ورزقهم أفهاماً تؤمن بالحق . وقد تقدم الكلام على نظير { من يهد الله فهو المهتد } ، وعلى كتابة { المهتد } بدون ياء في سورة الإسراء . والمرشد الذي يُبين للحيران وجه الرشد ، وهو إصابة المطلوب من الخير .