Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 44-44)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تذييل للجمل قبلها لما في هذه الجملة من العموم الحاصل من قصر الولاية على الله تعالى المقتضي تحقيق جملة { ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحداً } الكهف 42 ، وجملة { ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله } الكهف 43 ، وجملة { وما كان منتصراً } الكهف 43 ، لأن الولاية من شأنها أن تبعث على نصر المولى وأن تطمِع المولى في أن وليه ينصره . ولذلك لما رأى الكافر ما دهاه من جراء كفره التجأ إلى أن يقول { يا ليتني لم أشرك بربي أحداً } الكهف 42 ، إذ علم أن الآلهة الأخرى لم تغن وَلايتُهم عنه شيئاً ، كما قال أبو سفيان يوم أسلم لقد علمت أن لو كان معه إله آخر لقد أغنَى عني شيئاً . فاسم الإشارة مبتدأ { والولاية لله } جملة خبر عن اسم الإشارة . واسم إشارة المكان البعيد مستعار للإشارة إلى الحال العجيبة بتشبيه الحالة بالمكان لإحاطتها بصاحبها ، وتشبيه غرابتها بالبعد لندرة حصولها . والمعنى أن في مثل تلك الحالة تقصر الولاية على الله . فالولاية جنس معرف بلام الجنس يفيد أن هذا الجنس مختص باللام على نحو ما قرر في قوله تعالى { الحمد لله } الفاتحة 2 . والوَلاية بفتح الواو مصدر وَلِي ، إذا ثبت له الوَلاء . وتقدمت عند قوله تعالى { ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا } في سورة الأنفال 72 . وقرأه حمزة والكسائي وخلف { الوِلاية } ــــ بكسر الواو ــــ وهي اسم للمصدر أو اسم بمعنى السلطان والمُلك . و { الحق } قرأه الجمهور بالجر ، على أنه وصف لله تعالى ، كما وصف بذلك في قوله تعالى { وردوا إلى الله مولاهم الحق } في سورة يونس 30 . وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وخلف { الحقُّ } ــــ بالرفع ــــ صفة للولاية ، فــــ { الحق } بمعنى الصِدق لأن ولاية غيره كذب وباطل . قال حجة الإسلام « والواجب بذاته هو الحق مطلقاً ، إذ هو الذي يستبين بالعقل أنه موجود حقاً ، فهو من حيث ذاته يسمى موجوداً ومن حيث إضافته إلى العقل الذي أدركه على ما هو عليه يسمى حقاً » ا هــــ . وبهذا يظهر وجه وصفه هنا بالحق دون وصف آخر ، لأنه قد ظهر في مثل تلك الحال أن غير الله لا حقيقة له أو لا دوام له . { وخَير } يجوز أن يكون بمعنى أخْيَر ، فيكون التفضيل في الخيرية على ثواب غيره وعُقُب غيره ، فإن ما يأتي من ثواب من غيره ومن عقبى إما زائف مفضٍ إلى ضر وإما زائل ، وثواب الله خالصٌ دائم وكذلك عقباه . ويجوز أن يكون { خير } اسماً ضَد الشر ، أي هو الذي ثوابه وعُقُبه خير وما سواه فهو شر . والتمييز تمييز نسبة الخير إلى الله . و « العقب » بضمتين وبسكون القاف بمعنى العاقبة ، أي آخرة الأمر . وهي ما يرجوه المرء من سعيه وعمله . وقرأ الجمهور { عُقُباً } بضمتين وبالتنوين . وقرأه عاصم وحمزة وخلف بإسكان القاف وبالتنوين . فكان ما ناله ذلك المشرك الجبار من عطاء إنما ناله بمساع وأسباب ظاهرية ولم ينله بعناية من الله تعالى وكرامة فلم يكن خيراً وكانت عاقبته شراً عليه .