Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 6-6)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تفريع على جملة { وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولداً } الكهف 4 باعتبارهم مكذبين كافرين بقرينة مقابلة المؤمنين بهم في قوله { وبشر المؤمنين } الكهف 2 ثم قوله { وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولداً } الكهف 4 . و لعل حقيقتها إنشاء الرجاء والتوقع ، وتستعمل في الإنكار والتحذير على طريقة المجاز المرسل لأنهما لا زمان لتوقع الأمر المكروه . وهي هنا مستعملة في تحذير الرسول عليه الصلاة والسلام من الاغتمام والحزن على عدم إيمان من لم يؤمنوا من قومه . وذلك في معنى التسلية لقلة الاكتراث بهم . والباخع قاتل نفسه ، كذا فسره ابن عباس ومجاهد والسدّي وابن جبير . وفسره البخاري بمهلك . وتفسيره يرجع إلى أبي عبيدة . وفي اشتقاقه خلاف ، فقيل مشتق من البِخاع بالباء الموحدة بوزن كتاب وهو عرق مستبطن في القفا فإذا بلغ الذابحُ البخاع فذلك أعمق الذبح ، قاله الزمخشري في قوله تعالى لعلك باخع نفسك في سورة الشعراء 3 وانفرد الزمخشري بذكر هذا الاشتقاق في الكشاف و « الفائق » و « الأساس » . قال ابن الأثير في « النهاية » « بحثت في كتب اللغة والطب فلم أجد البِخاع بالموحدة » يعني أن الزمخشري انفرد بهذا الاشتقاق وبإثبات البخاع اسماً لهذا العرق . قلت كفى بالزمخشري حجة فيما أثبته . وقد تبعه عليه المطرزي في « المُغرب » وصاحب « القاموس » . فالبخع أصله أن يبلغ الذابح بالذبح إلى القفا ثم أطلق على القتل المشوب بغيظ . والآثار جمع أثر وهو ما يؤثره ، أي يُبقيه الماشي أو الراكب في الرمل أو الأرض من مواطىء أقدامه وأخفاف راحلته . والأثر أيضاً ما يبقيه أهل الدار إذا ترحلوا عنها من تافه آلاتهم التي كانوا يعالجون بها شؤونهم كالأوتاد والرماد . وحرف على للاستعلاء المجازي فيجوز أن يكون المعنى لعلك مهلك نفسك لأجل إعراضهم عنك كما يُعرض السائر عن المكان الذي كان فيه ، فتكون على للتعليل . ويجوز أن يكون المعنى تمثيل حال الرسول صلى الله عليه وسلم في شدة حرصه على اتباع قومه له وفي غمه من إعراضهم . وتمثيل حالهم في النفور والإعراض بحال من فارقه أهله وأحبتُه فهو يرى آثار ديارهم ويحزن لفراقهم . ويكون حرف على ظرفاً مستقراً في موضع الحال من ضمير الخطاب ، ومعنى على الاستعلاء المجازي وهو شدة الاتصال بالمكان . وكأن هذا الكلام سيق إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر أوقات رجائه في إيمانهم إيماء إلى أنهم غير صائرين إلى الإيمان ، وتهيئة نفسه أن تتحمل ما سيلقاه من عنادهم رأفة من ربه به ، ولذلك قال { إن لم يؤمنوا بهذا الحديث } بصيغة الفعل المضارع المقتضية الحصول في المستقبل ، أي إن استمر عدم إيمانهم . واسم الإشارة وبيانُه مراد به القرآن ، لأنه لحضوره في الأذهان كأنه حاضر في مقام نزول الآية فأشير إليه بذلك الاعتبار . وبُيّن بأنه الحديث . والحديث الخبر . وإطلاق اسم الحديث على القرآن باعتبار أنه إخبار من الله لرسوله ، إذ الحديث هو الكلام الطويل المتضمن أخباراً وقصصاً . سمي الحديث حديثاً باعتبار اشتماله على الأمر الحديث ، أي الذي حدث وجَد ، أي الأخبار المستجدة التي لا يعلمها المخاطب ، فالحديث فعيل بمعنى مفعول . وانظر ما يأتي عند قوله تعالى { الله نزل أحسن الحديث } في سورة الزمر 23 . و { أسفاً } مفعول له من { باخع نفسك } أي قاتلها لأجل شدة الحزن ، والشرط معترض بين المفعولين ، ولا جواب له للاستغناء عن الجواب بما قَبْل الشرط .