Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 58-58)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الجملة استئناف ابتدائي ، واسم الإشارة عائد إلى المذكورين من قوله { ذكر رحمة ربك عبده زكريا } مريم 2 إلى هنا . والإتيان به دون الضمير للتنبيه على أن المشار إليهم جديرون بما يذكر بعد اسم الإشارة لأجل ما ذكر مع المشار إليهم من الأوصاف ، أي كانوا أحرياء بنعمة الله عليهم وكونهم في عداد المهديين المجتبيْن وخليقين بمحبتهم لله تعالى وتعظيمهم إياه . والمذكور بعد اسم الإشارة هو مضمون قوله { أنعم الله عليهم } وقوله { وممّن هدينا واجتبينا } ، فإن ذلك أحسن جزاء على ما قدموه من الأعمال ، ومن أعطوه من مزايا النبوءة والصديقية ونحوهما . وتلك وإن كانت نعماً وهداية واجتباء فقد زادت هذه الآية بإسناد تلك العطايا إلى الله تعالى تشريفاً لها ، فكان ذلك التشريف هو الجزاء عليها إذ لا أزيد من المجازَى عليه إلاّ تشريفه . وقرأ الجمهور { من النّبييّن } بياءين بعد الموحدة . وقرأه نافع وحده بهمزة بعد الموحدة . وجملة { إذَا تُتْلىٰ عَليهم ءَاياتُ الرَّحْمانِ } مستأنفة دالة على شكرهم نعم الله عليهم وتقريبه إياهم بالخضوع له بالسجود عند تلاوة آياته وبالبكاء . والمراد به البكاء الناشىء عن انفعال النفس انفعالاً مختلطاً من التعظيم والخوف . و { سُجداً } جمع ساجد . { وبُكيّاً } جمع بَاك . والأول بوزن فُعّل مثل عُذَّل ، والثاني وزنه فعُول جمع فاعل مثل قوم قعود ، وهو يائي لأنّ فعله بكى يبكي ، فأصله بُكُويٌ . فلما اجتمع الواو والياء وسبق إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء وحركت عين الكلمة بحركة مناسبة للياء . وهذا الوزن سماعي في جمع فاعل ومثله . وهذه الآية من مواضع سجود القرآن المروية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - اقتداء بأولئك الأنبياء في السجود عند تلاوة القرآن ، فهم سجدوا كثيراً عند تلاوة آيات الله التي أنزلت عليهم ، ونحن نسجد اقتداء بهم عند تلاوة الآيات التي أنزلت إلينا . وأثنت على سجودهم قصداً للتشبه بهم بقدر الطاقة حين نحن متلبسون بذكر صنيعهم . وقد سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - عند هذه الآية وسنّ ذلك لأمته .