Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 72-73)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أظهروا استخفافهم بوعيده وبتعذيبه ، إذ أصبحوا أهل إيمان ويقين ، وكذلك شأن المؤمنين بالرسل إذا أشرقت عليهم أنوار الرسالة فسرعان ما يكون انقلابهم عن جهالة الكفر وقساوته إلى حكمة الإيمان وثباته . ولنا في عمر بن الخطّاب ونحوه ممن آمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - مَثَلُ صدق . والإيثار التفضيل . وتقدّم في قوله تعالى { لقد آثرك الله علينا } في سورة يوسف 91 . والتفضيل بين فرعون وما جاءهم من البيّنات مقتض حذف مضاف يناسب المقابلة بالبيّنات ، أي لن نؤثر طاعتك أو دينك على ما جاءنا من البيّنات الدالة على وجوب طاعة الله تعالى ، وبذلك يلتئم عطف { والذي فَطَرنا } ، أي لا نؤثرك في الربوبية على الذي فطرنا . وجيء بالموصول للإيماء إلى التّعليل ، لأنّ الفاطر هو المستحق بالإيثار . وأخر { الذي فطرنا } عن { ما جَاءَنَا مِنَ البَيّنٰتِ } لأنّ البيّنات دليل على أنّ الذي خلقهم أراد منهم الإيمان بموسى ونبذ عبادة غير الله ، ولأنّ فيه تعريضاً بدعوة فرعون للإيمان بالله . وصيغة الأمر في قوله { فَاقْضِ مَا أنتَ قَاضٍ } مستعملة في التسوية ، لأن { ما أنت قاض } مَا صْدَقُه ما توعدهم به من تقطيع الأيدي والأرجل والصّلبِ ، أي سواء علينا ذلك بعضه أو كلّه أو عدم وقوعه ، فلا نطلب منك خلاصاً منه جزاء طاعتك فافعل ما أنت فاعل والقضاء هنا التنفيذ والإنجاز فإنّ عذابك لا يتجاوز هذه الحياة ونحن نرجو من ربنا الجزاء الخالد . وانتصب { هذه الحياة } على النيابة عن المفعول فيه ، لأنّ المراد بالحياة مُدّتُها . والقصر المستفاد من إنما قصر موصوف على صفة ، أي إنك مقصور على القضاء في هذه الحياة الدنيا لا يتجاوزه إلى القضاء في الآخرة ، فهو قصر حقيقيّ . وجملة { إنَّا آمَنَّا بِرَبنا } في محلّ العلّة لما تضمنه كلامهم . ومعنى { وما أكْرَهْتَنَا عليْهِ مِنَ السِّحْرِ } أنه أكرههم على تحدّيهم موسى بسحرهم فعلموا أن فعلهم باطل وخطيئة لأنّه استعمل لإبطال إلهيّة الله ، فبذلك كان مستوجباً طلب المغفرة . وجملة { والله خَيْرٌ وأبْقَىٰ } في موضع الحال ، أو معترضة في آخر الكلام للتذييل . والمعنى أنّ الله خير لنا بأن نؤثره منك ، والمراد رضى الله ، وهو أبقى منك ، أي جزاؤه في الخير والشرّ أبقى من جزائك فلا يهولنا قولك { ولتعلمن أينا أشد عذاباً وأبقى } طه 71 ، فذلك مقابلة لوعيده مقابلة تامة .