Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 45-45)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
استئناف ابتدائي مقصود منه الإتيان على جميع ما تقدم من استعجالِهم بالوعد تهكماً بقوله تعالى { ويقولون متى هذا الوعد } الأنبياء 38 ، ومن التهديدِ الذي وُجه إليهم بقوله تعالى { لو يعلم الذين كفروا } الأنبياء 39 الخ … ومن تذكيرهم بالخالق وتنبيههم إلى بطلان آلهتهم بقوله تعالى { قل من يكلؤكم بالليل والنهار } الأنبياء 42 إلى قوله تعالى { حتى طال عليهم العمر } الأنبياء 44 ، ومن الاحتجاج عليهم بظهور بوارق نصْر المسلمين ، واقتراب الوعد بقوله تعالى { أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها } الأنبياء 44 ، عُقب به أمر الله رسوله أن يخاطبهم بتعريف كنه دعوته ، وهي قصره على الإنذار بما سيحلّ بهم في الدنيا والآخرة إنذاراً من طريق الوحي المنزل عليه من الله تعالى وهو القرآن ، أي فلا تعرضوا عنه ، ولا تتطلبوا مني آية غير ذلك ، ولا تسألوا عن تعيين آجال حلول الوعيد ، ولا تحسبوا أنكم تغيظونني بإعراضكم والتوغل في كفركم . فالكلام قصر موصوف على صفة ، وقصره على المتعلِّق بتلك الصفة تبعاً لمتعلقه فهو قائم مقام قصرين . ولم يظهر لي مِثال له من كلام العرب قبل القرآن . وهذا الكلام يستلزم متاركة لهم بعد الإبلاغ في إقامة الحجة عليهم ولذلك ذيل بقوله تعالى { ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون } . والواو للعطف على { إنما أنذركم بالوحي } عطف استئناف على استئناف لأن التذييل من قبيل الاستئناف . والتعريف في { الصُّم } للاستغراق . والصمم مستعار لعدم الانتفاع بالكلام المفيد تشبيهاً لعدم الانتفاع بالمسموع بعدم ولوج الكلام صماخ المخاطب به . وتقدم في قوله تعالى { صم بكم عمي } في سورة البقرة 18 . ودخل في عمومه المشركون المعرضون عن القرآن وهم المقصود من سوق التذييل ليكون دخولهم في الحكم بطريقة الاستدلال بالعموم على الخصوص . وتقييد عدم السماع بوقت الإعراض عند سماع الإنذار لتفظيع إعراضهم عن الإندار لأنه إعراض يُفضي بهم إلى الهلاك فهو أفظع من عدم سماع البشارة أو التحديث ، ولأن التذييل مسوق عقب إنذارات كثيرة . واختير لفظ الدعاء لأنه المطابق للغرض إذ كان النبي - صلى الله عليه وسلم - داعياً كما قال { أدْعُوا إلى الله على بصيرةٍ } يوسف 108 والأظهر أن جملة { ولا يسمع الصم الدعاء } كلام مُخاطَب به الرسول - صلى الله عليه وسلم - وليس من جملة المأمور بأن يقوله لهم . وقرأ الجمهور { ولا يَسمع } بتحتية في أوله ورفعِ { الصمُّ } . وقرأه ابن عامر ولا تُسمِع بالتاء الفوقية المضمومة ونصب الصمّ خطاباً للرسول - صلى الله عليه وسلم - . وهذه القراءة نص في انفصال الجملة عن الكلام المأمور بقوله لهم .