Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 93-93)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عطف على جملة { إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون } الأنبياء 92 أي أعرضوا عن قولنا . و { تقطّعوا } وضمائر الغيبة عائدة إلى مفهوم من المقام وهم الذين مِن الشأن التحدّثُ عنهم في القرآن المكي بمثل هذه المذام ، وهم المشركون . ومثل هذه الضمائر المرادِ منها المشركون كثير في القرآن . ويجوز أن تكون الضمائر عائدة إلى أمم الرسل . فعلى الوجه الأول الذي قدمناه في ضمائر الخطاب في قوله تعالى { إن هذه أمتكم أمة واحدة } الأنبياء 92 يكون الكلام انتقالاً من الحكاية عن الرسل إلى الحكاية عن حال أممهم في حياتهم أو الذين جاءوا بعدهم مثل اليهود والنصارى إذ نقضوا وصايا أنبيائهم . وعلى الوجه الثاني تكون ضمائر الغيبة التفاتاً . ثم يجوز أن تكون الواو عاطفة قصة على قصة لمناسبة واضحة كما عطف نظيرها بالفاء في سورة المؤمنين . ويجوز كونها للحال ، أي أمَرنا الرسل بملة الإسلام ، وهي الملة الواحدة ، فكان من ضلال المشركين أن تقطعوا أمرهم وخالفوا الرسل وعدلوا عن دين التوحيد وهو شريعة إبراهيم أصلهم . ويؤيد هذا الوجه أن نظير هذه الآية في سورة المؤمنين جاء فيه العطف بفاء التفريع . والتقطع مطاوع قَطّع ، أي تفرقوا . وأسند التقطع إليهم لأنهم جعلوا أنفسهم فرقاً فعبدوا آلهة متعددة واتخذت كل قبيلة لنفسها إلهاً من الأصنام مع الله ، فشبه فعلهم ذلك بالتقطع . وفي « جمهرة الأنساب » لابن حزم " كان الحُصين بن عبيد الخُراعي ، وهو والد عمران بن حُصين لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله يا حصين ما تعبد ؟ قال عشرة آلهة ، قال ما هم وأين هم ؟ قال تسعة في الأرض وواحد في السماء . قال فمَن لحاجتك ؟ قال الذي في السماء ، قال فمن لِطلْبَتِكَ ؟ قال الذي في السماء ، قال فمن لكذا ؟ فمن لكذا ؟ كُلّ ذلك يقول الذي في السماء ، قال رسول الله فالغ التسعة " . وفي كتاب الدعوات من « سنن الترمذي » أنه قال " سبعة ستة في الأرض وواحد في السماء " . والأمر الحال . والمراد به الدين كما دل عليه قوله تعالى { إن الذين فرقوا دينهم } سورة الأنعام 159 . ولمّا ضُمن { تقطعوا } معنى توزّعوا عُدّي إلى « دينهم » فنصبَه ، والأصل تقطعوا في دينهم وتوزعوه . وزيادة { بينهم } لإفادة أَنهم تعاونوا وتظاهروا على تقطّع أمرهم . فربّ قبيلة اتخذت صنماً لم تكن تعبُدهُ قبيلة أخرى ثم سوّلوا لجيرتهم وأحلافهم أن يعبدوه فألحقوه بآلهتهم . وهكذا حتى كان في الكعبة عدة أصنام وتماثيل لأن الكعبة مقصودة لجميع قبائل العرب . وقد روي أن عَمرو بن لُحيَ الملقب بخزاعة هو الذي نقل الأصنام إلى العرب . وجملة { كل إلينا راجعون } مستأنفة استئنافاً بيانياً لجواب سؤال يجيش في نفس سامع قوله تعالى { وتقطعوا أمرهم } وهو معرفة عاقبة هذا التقطع . وتنوين { كلٌّ } عوض عن المضاف إليه ، أي كلّهم ، أي أصحاب ضمائر الغيبة وهم المشركون . والكلام يفيد تعريضاً بالتهديد . ودلّ على ذلك التفريع في قوله تعالى { فمن يعمل من الصالحات } الأنبياء 94 إلى آخره .