Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 95-95)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

جملة معترضة ، والمراد بالقرية أهلها . وهذا يعم كلّ قرية من قرى الكفر ، كما قال تعالى { وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا } الكهف 59 . والحرام الشيء الممنوع ، قال عنترة @ حَرُمت عليّ وليتَها لم تحرُم @@ أي مُنِعت أي مَنَعها أهلها . أي ممنوع على قرية قدّرْنا إهلاكها أن لا يرجعوا ، فــــ { حرام } خبر مقدم و { أنهم لا يرجعون } في قوة مصدر مبتدأ . والخبر عن أنّ وصلتِها لا يكون إلاّ مقدّماً ، كما ذكره ابن الحاجب في « أماليه » في ذكر هذه الآية . وفعل { أهلكناها } مستعمل في إرادة وقوع الفعل ، أي أردنا إهلاكها . والرجوع العود إلى ما كان فيه المرء فيحتمل أن المراد رجوعهم عن الكفر فيتعين أن تكون لا في قوله تعالى { لا يرجعون } زائدة للتوكيد ، لأن حرام في معنى النفي ولا نافية ونفي النفي إثبات ، فيصير المعنى منع عدم رجوعهم إلى الإيمان ، فيؤُول إلى أنهم راجعون إلى الإيمان . وليس هذا بمراد فتعين أن المعنى مَنْع على قرية قدرنا هلاكها أن يرجعوا عن ضلالهم لأنه قد سبق تقدير هلاكها . وهذا إعلام بسنة الله تعالى في تصرفه في الأمم الخالية مقصود منه التعريض بتأييس فريق من المشركين من المصير إلى الإيمان وتهديدهم بالهلاك . وهؤلاء هم الذين قدّر الله هلاكَهم يوم بدر بسيوف المؤمنين . ويجوز أن يراد رجُوعهم إلى الآخرة بالبعث ، وهو المناسب لتفريعه على قوله تعالى { كل إلينا راجعون } الأنبياء 93 فتكون لا نافية . والمعنى ممنوع عَدَم رجوعهم إلى الآخرة الذي يزعمونه ، أي دعواهم باطلة ، أي فهم راجعون إلينا فمجازَوْن على كفرهم ، فيكون إثباتاً للبعث بنفي ضده ، وهو أبلغ من صريح الإثبات لأنه إثبات بطريق الملازمة فكأنه إثبات الشيء بحجة . ويفيد تأكيداً لقوله تعالى { كل إلينا راجعون } الأنبياء 93 . وجملة { أهلكناها } إدماج للوعيد بعذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة . وفعل { أهلكناها } مستعمل في أصل معناه ، أي وقع إهلاكنا إياها . والمعنى ما من قرية أهلكناها فانقرضت من الدنيا إلا وهم راجعون إلينا بالبعث . وقيل { حرام } اسم مشترك بين الممنوع والواجب ، وأنشدوا قول الخنساء @ وإن حراماً لا أرى الدهر باكيا على شجوه إلا بَكيتُ على صَخْر @@ وفي كتاب « لسان العرب » « في حديث عمر في الحرَام كفارة يمين هو أن يقول الرجل حرامُ الله لا أفعل ، كما يقول يمينُ الله لا أفعل ، وهي لغة العُقيليين » اهــــ . ورأيت في مجموعة أدبية عتيقة من كتب جامع الزيتونة عددها 4561 أن بني عُقيل يقولون حَرام الله لآتينك كما يقال يمين الله لآتينك آهــــ . وهو يشرح كلام « لسان العرب » بأن هذا اليمين لا يختص بالحلف على النفي كما في مثال « لسان العرب » . فيتأتى على هذا وجه ثالث في تفسير قوله تعالى { وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون } أي ويمين منا على قرية ، فحرف علىَ داخل على المُسلطة عليه اليمين ، كما تقول عزمتُ عليك ، وكما يقال حلفت علىَ فلان أن لا ينطق . وكقول الراعي @ إني حلفتُ علىَ يمين بَرّة لاَ أكتُم اليومَ الخليفةَ قيلا @@ وفتح همزة « أنّ » في اليمين أحد وجهين فيها في سياق القسم . ومعنى { لا يرجعون } على هذا الوجه لا يرجعون إلى الإيمان لأن الله علم ذلك منهم فقدر إهلاكهم . وقرأ الجمهور { وحَرام } ــــ بفتح الحاء وبألف بعد الراء ــــ . وقرأه حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم { وحِرْم } ــــ بكسر الحاء وسكون الراء ــــ ، وهو اسم بمعنى حرام . والكلمة مكتوبة في المصحف بدون ألف ومروية في روايات القراء بوجهين ، وحذف الألف المشبعة من الفتحة كثير في المصاحف .