Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 4-4)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

جملة { كتب عليه أنه من تولاه } إلى آخرها صفة ثانية لــــ { شيطان مريد } الحج 3 ، فالضمير المجرور عائد إلى { شيطان } . وكذلك الضمائر في { أنه من تولاه فأنه } . وأما الضميران البارزان في قوله { يضله ويهديه إلى عذاب السعير } فعائدان إلى مَن الموصولة ، أي يضل الشيطان مُتَوَليه عن الحق ويهدي متوليه إلى عذاب السعير . واتفقت القراءات العشر على قراءة { كُتب } بضم الكاف على أنه مبني للنائب . واتفقت أيضاً على فتح الهمزتين من قوله تعالى { أنه من تولاه فأنه يضله } . والكتابة مستعارة للثبوت واللزوم ، أي لزمه إضلال متوليه ودلالته على عذاب السعير ، فأطلق على لزوم ذلك فعل { كتب عليه } أي وجب عليه ، فقد شاع أن العقد إذا أريد تحقيق العمل به وعدم الإخلال به كتب في صحيفة . قال الحارث بن حِلّزة @ وهل يَنْقُضُ ما في المهارق الأهْوَاءُ @@ والضمير في { أنه } عائد إلى { شيطان } الحج 3 وليس ضمير شأن لأن جعله ضمير شأن لا يناسب كون الجملة في موقع نائب فاعل { كُتب } ، إذ هي حينئذ في تأويل مصدر وضمير الشأن يتطلب بعده جملة ، والمصدران المنسبكان من قوله { أنه من تولاه } وقوله { فأنه يضله } نائب فعل { كتب } ومفرع عليه بفاء الجَزاء ، أي كتب عليه إضلال من تولاه . والتولي اتّخاذ ولي ، أي نصير ، أي من استنصر به . ومَن موصولة وليست شرطية لأن المعنى على الإخبار الثابِت لا على التعليق بالشرط . وهي مبتدأ ثان ، والضمير المستتر في قوله { تولاه } عائد إلى مَن الموصولة . والضمير المنصوب البارز عائد إلى { شيطان } الحج 3 ، أي أن الذي يتخذ الشيطان ولياً فذلك الشيطان يضله . والفاء في قوله { فأنه يضله } داخلة على الجملة الواقعة خبراً عن من الموصولة تشبيهاً لجملة الخبر عن الموصول بجملة الجزاء لشَبَه الموصول بالشرط قصداً لتقوية الإخبار . والمصدر المنسبك من قوله { فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير } في تقدير مبتدأ هو صدر للجملة الواقعة خبراً عن مَن الموصولة . والتقدير فإضلاله إياه ودلالته إياه إلى عذاب السعير . وخبر هذا المبتدأ مقدر لأنه حاصل من معنى إسناد فعلَي الإضلال والهداية إلى ضمير المبتدأ . والتقدير ثابتان . ويجوز أن تجعل الفاء في قوله { فأنه يضله } فاء تفريع ويجعلَ ما بعدها معطوفاً على { من تولاه } ويكون المعطوف هو المقصود من الإخبار كما هو مقتضى التفريع . والتقدير كتب عليه ترتب الإضلال منه لمتولّيه وترتب إيصاله متوليَه إلى عذاب السعير . هذان هما الوجهان في نظم الآية وما عداهما تكلفات . واعلم أن ما نظمت به الآية هنا لا يجري على نظم قوله تعالى في سورة براءة 63 { ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالداً فيها } لأن مقتضى فعل العلم غيرُ مَقتضى فعل كُتب . فلذلك كانت مَن في قوله { من يحادِدِ } شرطية لا محالة وكان الكلام جارياً على اعتبار الشرطية وكان الضمير هنالك في قوله { أنه } ضمير شأن . ولما كان الضلال مشتهراً في معنى البعد عن الخير والصلاح لم يحتج في هذه الآية إلى ذكر متعلق فعل { يضله } لظهور المعنى . وذُكِر متعلق فعل { يهديه } وهو { إلى عذاب السعير } لأن تعلقه به غريب إذ الشأن أن يكون الهَدْي إلى ما ينفع لا إلى ما يضر ويعذب . وفي الجمع بين { يضله ويهديه } محسن الطِباق بالمضادة . وقد عدّ من هذا الفريق الشامل له قوله تعالى { ومن الناس من يجادل في الله بغير علم } النضر بن الحارث . وقيل نزلت فيه كان كثير الجدل يقول الملائكة بنات الله ، والقرآن أساطير الأولين ، والله غير قادر على إحياء أجساد بليت وصارت تراباً . وعُد منهم أيضاً أبو جهل ، وأبيُّ بن خَلف . ومن قال إن المقصود بقوله { من يجادل } معيناً خص الآية به ، ولا وجه للتخصيص وما هو إلا تخصيص بالسبب .