Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 55-56)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الأشبه أن تكون هذه الجملة بدل اشتمال من جملة { فَذرهم في غمرتهم حتى حين } المؤمنون 54 باعتبار أن جملة { فذرهم } تشتمل على معنى عدم الاكتراث بما هم فيه من الأحوال التي ألْهَتهم عن النظر في دعوة الإسلام وغرتهم بأنهم بمحل الكرامة على الله بما خولهم من العزة و الترف ، وما تشتمل عليه من التوعد بأن ذلك له نهاية ينتهون إليها وأن الله أعطاهم ما هم فيه زمن النعمة استدراجاً لهم . وهذا كقوله تعالى { وذَرْني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلاً } المزمل 11 وقوله { لا يَغُرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل } آل عمران 196 ، 197 . والاستفهام في { أيحسبون } إنكاري وتوبيخ على هذا الحسبان سواء كان هذا الحسبان حاصلاً لجميع المشركين أم غير حاصل لبعض ، لأن حالهم حال من هو مظنة هذا الحسبان فينكر عليه هذا الحسبان لإزالته من نفسه أو لدفع حصوله فيها . و { أنما } هنا كلمتان أن المؤكدة وما الموصولة وكتبتا في المصحف متصلتين كما تكتب إنما المكسورة التي هي أداة حصر لأن الرسم القديم لم يكن منضبطاً كل الضبط وحقها أن تكتب مفصولة . والإمداد إعطاء المدد وهو العطاء . و { من مال وبنين } بيان لــــما الموصولة . والمسارعة التعجيل ، وهي هنا مستعارة لتوخي المرغوب والحرص على تحصيله . وفي حديث عائشة أنها قالت للنبيء صلى الله عليه وسلم " ما أرى ربك إلا يسارع في هواك " أي يعطيك ما تحبه لأن الراغب في إرضاء شخص يكون متسارعاً في إعطائه مرغوبه ، ويقال فلان يجري في حظوظك . ومتعلق { نسارع } محذوف تقديره نسارع لهم به ، أي بما نمدهم به من مال وبنين . وحذف لدلالة { نمدهم به } عليه . وظرفية في مجازية . جعلت { الخيرات } بمنزلة الطريق يقع فيه المسارعة بالمشي فتكون في قرينة مكنية . وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى { يا أيها الرسول لا يُحزنك الذين يسارعون في الكفر } المائدة 41 وقوله { فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم } المائدة 52 كلاهما في سورة العقود ، وقوله { إنهم كانوا يسارعون في الخيرات } في سورة الأنبياء 90 . والخيرات جمع خير بالألف والتاء ، وهو من الجموع النادرة مثل سرادقات . وقد تقدم عند قوله تعالى { وأولئك لهم الخيرات } في سورة براءة 88 ، وتقدم في سورة الأنبياء 73 ـــ 90 . وبل إضراب عن المظنون لا على الظن كما هو ظاهر بالقرينة ، أي لسنا نسارع لهم بالخيرات كما ظنوا بل لا يشعرون بحكمة ذلك الإمداد وأنها لاستدراجهم وفضحهم بإقامة الحجة عليهم .