Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 37-37)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَـٰلِحاً غَيْرَ ٱلَّذِى كُـنَّا نَعْمَلُ } . الضمير إلى { الذين كفروا } فاطر 36 والجملة عطف على جملة { لهم نار جهنم } فاطر 36 ولا تجعل حالاً لأن التذييل آذنَ بانتهاء الكلام وباستقبال كلام جديد . و { يصطرخون } مبالغة في يصرخون لأنه افتعال من الصراخ وهو الصياح بشدة وجهد ، فالاصطراخ مبالغة فيه ، أي يصيحون من شدة ما نابهم . وجملة { ربنا أخرجنا } بيان لجملة { يصطرخون } ، يحسبون أن رفع الأصوات أقرب إلى علم الله بندائهم ولإِظهار عدم إطاقة ما هم فيه . وقولهم { نعمل صالحاً } وعدٌ بالتدارك لما فاتهم من الأعمال الصالحة ولكنها إنابة بعد إبانها . ولإِرادة الوعد جُزم { نعمل صالحاً } في جواب الدعاء . والتقدير إن تخرجنا نعملْ صالحاً . و { غير الذي كنا نعمل } نعت لــــ { صالحاً } ، أي عملاً مغايراً لما كنا نعمله في الدنيا وهذا ندامة على ما كانوا يعملونه لأنهم أيقنوا بفساد عملهم وضره فإن ذلك العالَم عالم الحقائق . { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } . الواو عاطفة فعل قول محذوفاً لعلمه من السياق بحسب الضمير في { نعمركم } معطوفاً على جملة { وهم يصطرخون فيها } فإن صراخهم كلام منهم ، والتقدير يقولون ربنا أخرجنا ونقول ألم نعمركم . والاستفهام تقريع للتوبيخ ، وجُعل التقرير على النفي توطئة ليُنكره المقرَّر حتى إذا قال بلى علم أنه لم يسعه الإِنكار حتى مع تمهيد وطاء الإِنكار إليه . والتعمير تطويل العمر . وقد تقدم غير مرة ، منها عند قوله تعالى { يود أحدهم لو يعمر ألف سنة } في سورة البقرة 96 ، وقوله { وما يعمر من معمر } في هذه السورة 11 . و { ما } ظرفية مصدرية ، أي زمان تعمير مُعَمَّر . وجملة { يتذكر فيه من تذكر } صفة لــــ { ما } ، أي زماناً كافياً بامتداده للتذكّر والتبصير . و { النذير } الرسول محمد صلى الله عليه وسلم . وجملة { وجاءكم النذير } عطف على جملة « ألم نعمركم » لأن معناها الخبر فعطف عليها الخبر ، على أن عطف الخبر على الإِنشاء جائز على التحقيق وهو هنا حسن . ووصف الرسول بالنذير لأن الأهم من شأنه بالنسبة إليهم هو النذارة . والفاء في { فذوقوا } للتفريع . وحذف مفعول « ذوقوا » لدلالة المقام عليه ، أي ذوقوا العذاب . والأمر في قوله { فذوقوا } مستعمل في معنى الدوام وهو كناية عن عدم الخلاص من العذاب . وقوله { فما للظالمين من نصير } تفريع على ما سبق من الحكاية . فيجوز أن يكون من جملة الكلام الذي وبخهم الله به فهو تذييل له وتفريع عليه لتأييسهم من الخلاص يعني فأين الذين زعمتم أنهم أولياؤكم ونصراؤكم فما لكم من نصير . وعدل عن ضمير الخطاب أن يقال فما لكم من نصير ، إلى الاسم الظاهر بوصف « الظالمين » لإِفادة سبب انتفاء النصير عنهم ففي الكلام إيجاز ، أي لأنكم ظالمون وما للظالمين من نصير ، فالمقصود ابتداء نفي النصير عنهم ويتبعه التعميم بنفي النصير عن كل من كان مثلهم من المشركين . ويجوز أن يكون كلاماً مستقلاً مفرعاً على القصة ذُيّلت به للسامعين من قوله { والذين كفروا لهم نار جهنم } فاطر 36 ، فليس فيه عدول عن الإِضمار إلى الإِظهار لأن المقصود إفادة شمول هذا الحكم لكل ظالم فيدخل الذين كفروا المتحدث عنهم في العموم . والظلم هو الاعتداء على حق صاحب حق ، وأعظمه الشرك لأنه اعتداء على الله بإنكار صفته النفيسة وهي الوحدانية ، واعتداء المشرك على نفسه إذْ أقحمها في العذاب قال تعالى { إن الشرك لظلم عظيم } لقمان 13 . وتعميم « الظالمين » وتعميم « النصير » يقتضي أن نصر الظالم تجاوزٌ للحق ، لأن الحق أن لا يكون للظالم نصير ، إذ واجب الحكمة والحقِّ أن يأخذ المقتدر على يد كل ظالم لأن الأمة مكلفة بدفع الفساد عن جماعتها . وفي هذا إبطال لخُلُق أهل الجاهلية القائلين في أمثالهم " انصُرْ أخاك ظالماً أو مظلوماً " وقد ألقى النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه إبطال ذلك فساق لهم هذا المثلَ حتى سألوا عنه ثم أصلح معناه مع بقاء لفظه فقال " إذا كان ظالماً تنصره على نفسه فتكفه عن ظلمه " .