Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 41-42)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
نظم هذه الآية مثل نظم قوله { وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون } الذاريات 38 انتقل إلى العبرة بأمة من الأمم العربية وهم عاد وهم أشهر العرب البائدة . و { الريح العقيم } هي الخليّة من المنافع التي تُرجى لها الرياح من إثارة السحاب وسوقه ، ومن إلقاح الأشجار بنقل غبرة الذكر من ثمار إلى الإِناث من أشجارها ، أي الريح التي لا نفع فيها ، أي هي ضارّة . وهذا الوصف لما كان مشتقاً مما هو من خصائص الإِناث كان مستغنياً عن لحاق هاء التأنيث لأنها يُؤتى بها للفرق بين الصنفين . والعرب يكرهون العقم في مواشيهم ، أي ريح كالناقة العقيم لا تثمر نسلاً ولا دَرًّا ، فوصف الريح بالعقيم تشبيه بليغ في الشؤم ، قال تعالى { أو يأتيهم عذاب يوم عقيم } الحج 55 . وجملة { ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم } صفة ثانية ، أو حال ، فهو ارتقاء في مضرة هذا الريح فإنه لا ينفع وأنه يضر أضراراً عظيمة . وصيغ { تذر } بصيغة المضارع لاستحضار الحالة العجيبة . و { شيء } في معنى المفعول لــــ { تذر } فإن مِن لتأكيد النفي والنكرة المجرورة بــــ من هذه نص في نفي الجنس ولذلك كانت عامة ، إلا أن هذا العموم مخصص بدليل العقل لأن الريح إنما تُبلي الأشياء التي تمر عليها إذا كان شأنها أن يتطرق إليها البِلى ، فإن الريح لا تُبلي الجبال ولا البحار ولا الأودية وهي تمر عليها وإنما تُبلي الديار والأشجار والناس والبهائم ، ومثله قوله تعالى { تدمر كل شيء بأمر ربها } الأحقاف 25 . وجملة { جعلته كالرميم } في موضع الحال من ضمير { الريح } مستثناة من عموم أحوال { شيء } يبين المعرف ، أي ما تذر من شيء أتت عليه في حال من أحوال تدميرها إلا في حال قد جعلته كالرميم . والرميم العظم الذي بلِي . يقال رَمَّ العظم ، إذ بَلى ، أي جعلتْه مفتتاً . والمعنى وفي عاد آية للذين يخافون العذاب الأليم إذ أرسل الله عليهم الريح . والمراد أن الآية كائنة في أسباب إرسال الريح عليهم وهي أسباب تكذيبهم هوداً وإشراكهم بالله وقالوا { مَنْ أشدّ منّا قوة } فصلت 15 ، فيحذر من مثل ما حلّ بهم أهل الإِيمان . وأما الذين لا يخافون العذاب الأليم من أهل الشرك فهم مصرّون على كفرهم كما أصرت عاد فيوشك أن يحلّ بهم من جنس ما حلّ بعاد .