Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 54-54)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
حال من { لمن خاف مقام ربه } وجيء بالحال صيغةَ جمع باعتبار معنى صاحب الحال وصلاحية لفظه للواحد والمتعدد ، لا باعتبار وقوع صلته بصيغة الإِفراد فإن ذلك اعتبار بكون مَن مفردة اللفظ . والمعنى أُعطوا الجنان واستقرُّوا بها واتكأوا على فرش . والاتكاء افتعال من الوَكْءِ مهموز اللام وهو الاعتماد ، فصار الاتكاء اسماً لاعتمادِ الجالس ومرفقه إلى الأرض وجنبه إلى الأرض وهي هيئة بين الاضطجاع على الجنب والقعودِ ، وتقدم في قوله { وأعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتّكَئاً } في سورة يوسف 31 ، وتقدم أيضاً في سورة الصافات . وفُرش جمع فراش ككتاب وكُتب . والفِراش أصله ما يفرش ، أي يبسط على الأرض للنوم والاضطجاع . ثم أطلق الفراش على السرير المرتفع على الأرض بسُوققٍ لأنه يوضع عليه ما شأنه أن يفرش على الأرض تسمية باسم ما جعل فيه ، ولذلك ورد ذكره في سورة الواقعة 15 ، 16 في قوله { على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين } وفي سورة الصافات 44 { على سرر متقابلين } والمعبر عنه في هذه الآيات واحد يدلّ على أن المراد بالفرش في هذه الآية السرر التي عليها الفرش . والاتكاء جِلسة أهل الترف المخدومين لأنها جلسة راحة وعدم احتياج إلى النهوض للتناول نحوه وتقدم في سورة الكهف . والبطائن جمع بِطانة بكسر الباء وهي مشتقة من البطن ضد الظهر من كل شيء ، وهو هنا مجاز عن الأسفل . يقال للجهة السفلى بطن ، وللجهة العليا ظهر ، فيقال بَطَّنْت ثوبي بآخر إذا جعل تحت ثوبه آخرَ ، فبطانة الثوب داخله وما لا يَبدو منه ، وضد البطانة الظِّهارة بكسر الظاء ، ومن كلامهم أفرشني ظهر أمره وبطنه ، أي علانيته وسِرّه ، شبهت العلانية بظهر الفراش والسِرّ ببطن الفراش وهما الظِهارة والبطانة ، ولذلك أتبع هذا التشبيه باستعارة فعل أفرشني . فالبطانة هي الثوب الذي يجعل على الفراش والظهارة الثوب الذي يجعل فوق البطانة ليظهر لرؤية الداخل للبيت فتكون الظهارة أحسن من البطانة في الفراش الواحد . والعرب كانوا يجعلون الفراش حَشية ، أي شيئاً محشواً بصوف أو قطن أو ليف ليكون أوثر للجنب ، قال عنترة يصف تنعم عَبلة @ تُمسي وتُصبح فوق ظهر حشِيّةٍ وأَبِيتُ فوقَ سَراة أدهم مُلجم @@ فإذا وضعوا على الحشية ثوباً أو خاطوها بثوب فهو البطانة ، وإذا غطوا ذلك بثوب أحسن منه فهو الظِهارة . فالمعنى هنا أن بطائن فرش الجنة من استبرق فلا تَسأل عن ظهائرها فإنها أجود من ذلك ، ولا ثوب في الثياب المعروفة عند الناس في الدنيا أنفس من الاستبرق البطائن بالذكر كناية عن نفاسة وصف ظهائر الفرش . والاستبرق صنف رفيع من الديباج الغليظ . والديباجُ نسيج غليظ من حرير والاستبرق ينسج بخيوط الذهب . قال الفخر وهو معرب عن الفارسية عن كلمة سْتبرك بكاف في آخره علامة تصغير ستبر بمعنى ثخين ، وقد تقدم في سورة الكهف 31 ، فأبدلوا الكاف قافاً خشية اشتباه الكاف بكاف الخطاب ، والذي في القاموس الإِستبرق الديباج الغليظ معرب اسْتَرْوَه ، وقد تبين أن الإِستبرق صنف من الديباج ، والديباج ثوب منسوج من الحرير منقوش وهو أجود أنواع الثياب . ومن { جنى الجنتين } ما يجنى من ثمارهما ، وهو بفتح الجيم ما يقطف من الثمر . والمعنى أن ثمر الجنة دانٍ منهم وهم على فرشهم فمتى شاءوا اقتطفوا منه .