Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 41-44)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

إفضاء إلى الصنف الثالث من الأزواج الثلاثة ، وهم أصحاب المشاقّة . والقول في جملة { ما أصحاب الشمال } وموقع جملة { في سموم } بعدها كالقول في جملة { وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود } الواقعة 27 ، 28 . والسموم الريح الشديد الحرارة الذي لا بلل معه وكأنه مأخوذ من السُّمّ ، وهو ما يهلك إذ لاقى البدن . والحميم الماء الشديد الحرارة . واليحموم الدخان الأسود على وزن يفعول مشتق من الحُمَم بوزن صُرَد اسم للفحم . والحُممة الفحمة ، فجاءت زنة يفعول فيه اسماً ملحوظاً فيه هذا الاشتقاق وليس ينقاس . وحرف { مِن } بيانية إذ الظل هنا أريد به نفس اليحموم ، أي الدخان الأسود . ووصف { ظل } بأنه { من يحموم } للإِشعار بأنه ظل دخان لَهب جهنم ، والدخان الكثيف له ظل لأنه بكثافته يحجب ضوء الشمس ، وإنما ذكر من الدخان ظله لمقابلته بالظل الممدود المُعدّ لأصحاب اليمين في قوله { وظِلّ ممدود } الواقعة 30 ، أي لا ظل لأصحاب الشمال سِوى ظِل اليحموم . وهذا من قبيل التهكم . ولتحقيق معنى التهكم وصف هذا الظل بما يفيد نفي البرد عنه ونفي الكرم ، فبرد الظلّ ما يحصل في مكانه من دفع حرارة الشمس ، وكرمُ الظلّ ما فيه من الصفات الحسنة في الظلال مثل سلامته من هبوب السموم عليه ، وسلامة الموضع الذي يظله من الحشرات والأوساخ ، وسلامة أرضه من الحجارة ونحو ذلك إذ الكريم من كل نوع هو الجامع لأكثر محاسن نوعه ، كما تقدم في قوله تعالى { إني ألقي إليّ كتاب كريم } في سورة سليمان 29 ، فوُصف ظلّ اليحموم بوصف خاص وهو انتفاء البرودة عنه واتبع بوصف عام وهو انتفاء كرامة الظلال عنه ، ففي الصفة بنفي محاسن الظلال تذكير للسامعين بما حُرم منه أصحاب الشمال عسى أن يحذروا أسباب الوقوع في الحرمان ، ولإفادة هذا التذكير عدل عن وصف الظلّ بالحرارة والمضرّة إلى وصفه بنفي البرد ونفي الكرم .