Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 113-113)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عُطف قوله { ولتصغى } على { غروراً } الأنعام 112 لأنّ { غروراً } في معنى ليغرّوهم . واللام لام كي وما بعدها في تأويل مصدر ، أي ولصغى ، أي مَيل قلوبهم إلى وحيِهم فتقوم عليهم الحجّة . ومعنى { تصغى } تميل ، يقال صَغَى يَصغى صَغْياً ، ويَصْغُو صَغواً ــــ بالياء وبالواو ــــ ووردت الآية على اعتباره ــــ بالياء ــــ لأنّه رسم في المصحف بصورة الياء . وحقيقته المَيل الحسي ، يقال صَغى ، أي مال ، وأصغى أمال . وفي حديث الهِرّة أنّه أصغى إليها الإناءَ ، ومنه أطلق أصغى بمعنى استمع ، لأنّ أصله أمال سمعه أو أذُنه ، ثمّ حذفوا المفعول لكثرة الاستعمال . وهو هنا مجاز في الاتّباع وقبول القول . والَّذين لا يؤمنون بالآخرة هم المشركون . وخصّ من صفات المشركين عدمُ إيمانهم بالآخرة ، فعُرّفوا بهذه الصّلة للإيماء إلى بعض آثار وحي الشّياطين لهم . وهذا الوصف أكبر ما أضرّ بهم ، إذ كانوا بسببه لا يتوخّون فيما يصنعون خشية العاقبة وطلَبَ الخير ، بل يتَّبعون أهواءهم وما يُزيَّن لهم من شهواتهم ، معرضين عمّا في خلال ذلك من المفاسد والكفرِ ، إذ لا يترقَّبون جزاء عن الخير والشرّ ، فلذلك تصغى عقولهم إلى غرور الشَّياطين . ولا تصغَى إلى دعوة النَّبيء صلى الله عليه وسلم والصّالحين . وعطف { وليرضوه } على { ولتصغى } ، وإن كان الصّغْي يقتضي الرّضى ويسبّبه فكان مقتضى الظاهر أن يعطف بالفاء وأن لا تكرّر لام التّعليل ، فخولف مقتضى الظاهر ، للدلالة على استقلاله بالتّعليل ، فعطف بالواو وأعيدت اللاّم لتأكيد الاستقلال ، فيدل على أن صَغى أفئدتهم إليه ما كان يكفي لعملهم به إلاّ لأنَّهم رَضُوه . وعطْفُ { وليقترفوا ما هم مقترفون } على وليرضوه كعطف وليرضوه على { ولتصغى } . والاقتراف افتعال من قرف إذا كسب سيئة ، قال تعالى بعد هذه الآية { إنّ الذين يكسبون الإثم سيُجْزون بما كانوا يقترفون } الأنعام 120 فذكَرَ هنالك لِـ { يكسبون } مفعولا لأنّ الكسب يعمّ الخير والشرّ ، ولم يذكر هنا لـــ { يقترفون } مفعولاً لأنّه لا يكون إلاّ اكتساب الشرّ ، ولم يقل سيُجزْون بما كانوا يكسبون لقصد تأكيد معنى الإثم . يقال قرف واقترف وقارف . وصيغة الافتعال وصيغة المفاعلة فيه للمبالغة ، وهذه المادة تؤذن بأمر ذميم . وحكوا أنَّه يقال قَرف فلان لِعِيالِه ، أي كسب ، ولا أحسبه صحيحاً . وجيء في صلة الموصول بالجملة الاسميّة في قوله { ما هم مقترفون } للدلالة على تمكّنهم في ذلك الاقتراف وثباتهم فيه .