Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 63, Ayat: 5-5)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا حالهم في العناد ومجافاة الرسول صلى الله عليه وسلم والإِعراض عن التفكر في الآخرة ، بَلْهَ الاستعداد للفوز فيها . و { تعالوا } طَلَب من المخاطب بالحضور عند الطالب ، وأصله فِعل أمر من التَعالي ، وهو تكلف العُلو ، أي الصعود ، وتنوسي ذلك وصار لمجرد طلب الحضور ، فلزم حالة واحدة فصار اسم فِعل ، وتقدم عند قوله تعالى { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم } الآية في سورة الأنعام 151 . وهذا الطلب يجعل { تعالوا } مشعر بأن هذه حالة من أحوال انفرادهم في جماعتهم فهي ثالث الأغراض من بيان مختلف أنواع تلك الأحوال ، وقد ابتدأت بـ { إذا } كما ابتدىء الغرضان السابقان بـ { إذا } { إذا جاءك المنافقون } المنافقون 1 . و { إذا رأيتَهم تعجبك أجسامهم } المنافقون 4 . والقائل لهم ذلك يحتمل أن يكون بعضَ المسلمين وَعَظوهم ونصحوهم ، ويحتمل أنه بعض منهم اهتدى وأراد الإِنابة . قيل المقول له هو عبد الله بنُ أُبَيّ ابن سلول على نحو ما تقدم من الوجوه في ذكر المنافقين بصيغة الجمع عند قوله { إذا جاءك المنافقون } المنافقون 1 وما بعده . والمعنى اذهبوا إلى رسول الله وسَلُوه الاستغفار لكم . وهذا يدل دلالة اقتضاء على أن المراد توبوا من النفاق وأخلصوا الإِيمان وسَلُوا رسول الله ليستغفر لكم ما فرط منكم ، فكانَ الذي قال لهم ذلك مطَّلعاً على نفاقهم وهذا كقوله تعالى في سورة البقرة 13 { وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاءُ } وليس المراد من الاستغفار الصفح عن قول عبد الله بن أُبَيّ { ليُخْرِجَن الأعزُّ منها الأذَلّ } . لأن ابنَ أُبَيّ ذَهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبرأ من أن يكون قال ذلك ولأنه لا يلتئم مع قوله تعالى { لن يغفر الله لهم } المنافقون 6 . ولَيُّ الرؤوس إمالتها إلى جانب غير وِجاه المتكلم . إعراضاً عن كلامه ، أي أبوا أن يستغفروا لأنهم ثابتون على النفاق ، أو لأنهم غيرُ راجعين فيما قالوه من كلام بَذيء في جانب المسلمين ، أو لئلا يُلزموا بالاعتراف بما نسب إليهم من النفاق . وقرأ الجمهور { لوّوا } بتشديد الواو الأولى مضاعف لوى للدلالة على الكثرة فيقتضي كثرة اللي منهم ، أي لوى جمع كثير منهم رؤوسهم ، وقرأهُ نافع ورَوح عن يعقوب بتخفيف الواو الأولى اكتفاء بإسناد الفعل إلى ضمير الجماعة . والخطاب في { ورأيتهم } لغير معيّن ، أي ورأيتهم يا من يراهم حينئذٍ . وجملة { وهم مستكبرون } في موضع الحال من ضمير يصدون ، أي يصدون صدّ المتكبر عن طلب الاستغفار .