Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 64, Ayat: 8-8)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

من جملة القول المأمور رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يقوله . والفاء فصيحة تفصح عن شرط مقدّر ، والتقدير فإذا علمتم هذه الحجج وتذكّرتم ما حلّ بنظرائكم من العقاب وما ستَنبّؤونَ به من أعمالكم فآمنوا بالله ورسوله والقرآن ، أي بنصه . والمراد بالنور الذي أنْزَل الله ، القرآن ، وُصف بأنه نور على طريقة الاستعارة لأنه أشبه النور في إيضاح المطلوب باستقامة حجته وبلاغة كلامه قال تعالى { وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً } النساء 174 . وأشبه النور في الإِرشاد إلى السلوك القويم وفي هذا الشبه الثاني تشاركه الكتب السماوية ، قال تعالى { إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور } المائدة 44 ، وقرينة الاستعارة قوله { الذي أنزلنا } ، لأنه من مناسبات المشبَّه لاشتهار القرآن بين الناس كلهم بالألقاب المشتقة من الإِنزال والتنزيل عَرَف ذلك المسلمون والمعاندون . وهو إنزال مجازي أريد به تبليغ مراد الله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقد تقدم عند قوله تعالى { والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك } في سورة البقرة 4 وفي آيات كثيرة . وإنما جعل الإِيمان بصدق القرآن داخلاً في حيّز فاء التفريع لأن ما قبل الفاء تضمن أنهم كذبوا بالقرآن من قوله { ذلك بأنه كانت تأتيهم رُسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا } التغابن 6 كما قال المشركون من أهل مكة ، والإِيمان بالقرآن يشمل الإِيمان بالبعث فكان قوله تعالى { والنور الذي أنزلنا } شاملاً لما سبق الفاء من قوله { زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا } التغابن 7 الخ . وفي قوله { الذي أنزلنا } التفات من الغيبة إلى المتكلم لزيادة الترغيب في الإِيمان بالقرآن تذكيراً بأنه منزل من الله لأن ضمير التكلم أشد دلالة على معاده من ضمير الغائب ، ولتقوية داعي المأمور . وجملة { والله بما تعملون خبير } تذييل لجملة { فآمنوا بالله ورسوله } يقتضي وعداً إنْ آمنوا ، ووعيداً إن لم يؤمنوا . وفي ذكر اسم الجلالة إظهار في مقام الإِضمار لتكون الجملة مستقلة جارية مجرى المثل والكلمِ الجوامع ، ولأن الاسم الظاهر أقوى دلالة من الضمير لاستغنائه عن تطلب المعاد . وفيه من تربيَة المهابة ما في قول الخليفة « أمير المؤمنين يأمركم بكذا » . والخبير العَليم ، وجيء هنا بصفة « الخبير » دون البصير ، لأن ما يعلمونه منه محسوسات ومنه غير محسوسات كالمعتقدات ، ومنها الإِيمان بالبعث ، فعُلق بالوصف الدال على تعلق العلم الإِلٰهي بالموجودات كلها ، بخلاف قوله فيما تقدم { هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير } التغابن 2 فإن لكفر الكافرين وإيمان المؤمنين آثاراً ظاهرة محسوسة فعلقت بالوصف الدال على تعلق العلم الإِلٰهي بالمحسوسات .