Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 66, Ayat: 11-11)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما ضرب المثل { للذين كفروا } الممتحنة 10 أعقب بضرب مثل للذين آمنوا لتحصل المقابلة فيتضح مقصود المثَلَين معاً ، وجريا على عادة القرآن في إتباع الترهيب بالترغيب . وجعل المثل للذين آمنوا بحال امرأتين لتحصل المقابلة للمثَلَين السابقين ، فهذا من مراعاة النظير في المثلين . وجاء أحد المثلين للذين آمنوا مثلاً لإِخلاص الإِيمان . والمثل الثاني لشدة التقوى . فكانت امرأة فرعون مثلاً لمتانة إيمان المؤمنين ومريم مثلاً للقانتين لأن المؤمنين تبرأوا من ذوي قرابتهم الذين بقوا على الكفر بمكة . وامرأة فرعون هذه هي امرأة فرعون الذي أُرسل إليه موسى وهو منفطح الثالث وليست امرأة فرعون التي تبنتْ موسى حين التقطتْه من اليَمّ ، لأن ذلك وقع في زمن فرعون رعمسيس الثاني وكان بين الزمنين ثمانون سنة . ولم يكن عندهم علم بدين قبل أن يرسل إليهم موسى . ولعل امرأة فرعون هذه كانت من بنات إسرائيل تزوجها فرعون فكانت مؤمنة برسالة موسى عليه السلام . وقد حكى بعض المفسرين أنها عمة موسى ، أو تكون هداها الله إلى الإِيمان بموسى كما هدى الرجل المؤمن من آل فرعون الذي تقدم ذكره في سورة غافر . وسماها النبي صلى الله عليه وسلم آسية في قوله " كَمُل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريمُ ابنة عمران وآسيةُ امرأة فرعون " رواه البخاري . وأرادت بعمل فرعون ظلمه ، أي نجّني من تبعة أعماله فيكون معنى { نجّني من فرعون } من صحبته طلبت لنفسها فرجاً وهو من عطف الخاص على العام . ومعنى { قالت } أنها أعلنت به ، فقد روي أن فرعون اطّلع عليها وأعلن ذلك لقومه وأمر بتعذيبها فماتت في تعذيبه ولم تحس ألماً . والقوم الظالمون هم قوم فرعون . وظلمهم إشراكهم بالله . والظاهر أن قولها { ابن لي عندك بيتاً في الجنة } مؤذن بأن فرعون وقومه صدّوها عن الإِيمان به وزيّنوا لها أنها إن آمنت بموسى تضيع ملكاً عظيماً وقصراً فخيماً أو أن فرعون وعظها بأنها إن أصرّت على ذلك تقتل ، فلا يكون مدفنها الهرم الذي بناه فرعون لنفسه لدفنه في بادىء الملوك . ويؤيد هذا ما رواه المفسرون أن بيتها في الجنة من درّة واحدة فتكون مشابهة الهرم الذي كان معدّاً لحفظ جثتها بعد موتها وزوجها . فقولها ذلك كقول السحرة الذين آمنوا جواباً عن تهديد فرعون { لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض } الآية في سورة طه 72 .