Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 66, Ayat: 12-12)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عطف على { امرأت فرعون } ، أي وضرب الله مثلاً للذين آمنوا مريم ابنة عمران ، فضرَب مثلَيْن في الشرّ ومثلين في الخير . ومريم ابنة عمران تقدم الكلام على نسبها وكرامتها في سورة آل عمران وغيرها ، وقد ذكر الله باسمها في عدة مواضع من القرآن ، وقال ابن التلمساني في « شرح الشفاء » لعياض لم يَذكُر الله امرأة في القرآن باسمها إلا مريم للتنبيه على أنها أمةُ الله إبطالاً لعقائد النصارى . والإِحصان جعل الشيء حصيناً ، أي لا يُسلك إليه . ومعناه منعت فرجها عن الرجال . وتفريع { فنفخنا فيه من رُّوحنا } تفريع العطية على العمل لأجله . أي جزيناها على إحصان فرجها ، أي بأن كوّن الله فيه نبياً بصفة خارقة للعادة فخلد بذلك ذكرها في الصالحات . والنفخ مستعار لسرعة إبداع الحياة في المكوّن في رحمها . وإضافة الروح إلى ضمير الجلالة لأن تكوين المخلوق الحيّ في رحمها كان دون الأسباب المعتادة ، أو أُريد بالروح الملك الذي يؤمر بنفخ الأرواح في الأجنة ، فعلى الأول تكون { من } تبعيضية ، وعلى الثاني تكون ابتدائية ، وتقدم قوله تعالى { فنفخنا فيها من روحنا } في سورة الأنبياء 91 . وتصديقها يقينها بأن ما أبلغ إليها الملَكُ من إرادة الله حملها . و { كلمات ربها } هي الكلمات التي ألقاها إليها بطريق الوحي . و { وكتابه } يجوز أن يكون المراد به « الإِنجيل » الذي جاء به ابنها عيسى وهو وإن لم يكن مكتوباً في زمن عيسى فقد كتبه الحواريون في حياة مريم . ويجوز أن يراد بـ { كتابه } ، أراده الله وقدّره أن تحمل من دون مس رجل إياها من باب وكان كتاباً مفعولاً . والقانت المتمحض للطاعة . يجوز أن يكون و { من } للابتداء . والمراد بالقانتين المكثرون من العبادة . والمعنى أنها كانت سليلة قوم صالحين ، أي فجاءت على طريقة أصولها في الخير والعفاف . @ وهل ينبت الخَطِّيُّ إلا وشيجَهُ @@ وهذا إيماء إلى تبرئتها مما رماها به القوم البهت . وهذا نظير قوله تعالى { والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون } النور 26 . ويجوز أن تجعل { من } للتعبيض ، أي هي بعض من قنت لله . وغلبت صيغة جمع الذكور ولم يقل من القانتات ، جرياً على طريقة التغليب وهو من تخريج الكلام على مقتضى الظاهر . وهذه الآية مثال في علم المعاني . ونكتته هنا الإِشارة إلى أنها في عداد أهل الإِكثار من العبادة وأن شأن ذلك أن يكون للرجال لأن نساء بني إسرائيل كن معفيات من عبادات كثيرة . ووصفت مريم بالموصول وصلته لأنها عُرفت بتلك الصلة من قصتها المعروفة من تكرر ذكرها فيما نزل من القرآن قبل هذه السورة . وفي ذكر { القانتين } إيماء إلى ما أوصى الله به أمهات المؤمنين بقوله تعالى { ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحاً نؤتها أجرها مرتين } الأحزاب 31 الآية . وقرأ الجمهور { وكتابه } . وقرأه حفص وأبو عمرو ويعقوب { وكُتُبه } بصيغة الجمع ، أي آمنت بالكتب التي أنزلت قبل عيسى وهي « التوراة » و « الزبور » وكتب الأنبياء من بني إسرائيل ، و « الإِنجيل » إن كان قد كتبه الحواريون في حياتها .