Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 6-7)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الفاء في قوله { فلنسألن } عاطفة ، لِترتيب الأخبار لأنّ وجود لام القسم علامة على أنّه كلام أنُفٌ انتقال من خبر إلى خبر ، ومن قصة إلى قصة وهو انتقالٌ من الخبر عن حَالتهم الدنيوية إلى الخبر عن أحوالهم في الآخرة . وأكّد الخبر بلام القسم ونون التّوكيد لإزالة الشكّ في ذلك . وسؤال الذين أرسل إليهم سُؤال عن بلوغ الرّسالة . وهو سؤال تقريع في ذلك المحشر ، قال تعالى { ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين } القصص 65 . وسؤال المرسلين عن تبليغهم الرّسالة سؤال إرهاب لأمُمِهم ، لأنّهم إذا سمعوا شهادة رسلهم عليهم أيقنوا بأنّهم مسوقون إلى العذاب ، وقد تقدّم ذلك في قوله { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد } النساء 41 ــــ وقوله ــــ { يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم } المائدة 109 . و { الذين أرسل إليهم } ، هم أمم الرّسل ، وعبّر عنهم بالموصول لما تدُلّ عليه الصّلة من التّعليل ، فإن فائدة الإرسال هي إجابة الرّسل ، فلا جرم أن يسأل عن ذلك المُرسَل إليهم ، ولمّا كان المقصود الأهمّ من السّؤال هو الأمم ، لإقامة الحجّة عليهم في استحقاق العقاب ، قُدّم ذكرهم على ذكر الرّسل ، ولما تدُلّ عليه صلة الذي وصلة ال من أنّ المسؤول عنه هو ما يتعلّق بأمر الرّسالةِ ، وهو سؤال الفريقين عن وقوع التّبليغ . ولَمَّا دلّ على هذا المعنى التّعبيرُ بــــ { الذين أرسل إليهم } والتّعبيرُ بــــ { المرسلين } لم يحتجّ إلى ذكر جواب المسؤولين لظهور أنّه إثبات التّبليغ والبلاغ . والفاء في قوله { فلنقصن عليهم } للتفريع والتّرتيب على قوله { فلنسألن } ، أي لنسألنّهم ثمّ نخبرهم بتفصيل ماأجمله جوابهم ، أي فلنقصّنّ عليهم تفاصيل أحوالهم ، أي فعِلْمُنا غَنِي عن جوابهم ولكن السّؤال لغرض آخر . وقد دلّ على إرادة التّفصيل تنكيرُ علم في قوله { بعلم } أي علم عظيم ، فإنّ تنوين عِلم للتعظيم ، وكمالُ العلم إنّما يظهر في العلم بالأمور الكثيرة ، وزاد ذلك بياناً قولُه { وما كنا غائبين } الذي هو بمعنى لا يعزب عن علمنا شيء يغيب عنّا ونغيب عنه . والقَصّ الاخبار ، يقال قصّ عليه ، بمعنى أخبره ، وتقدّم في قوله تعالى { يقص الحقّ } في سورة الأنعام 57 . وجملة { وما كنا غائبين } معطوف على { فلنقصن عليهم بعلم } ، وهي في موقع التّذييل . والغائب ضدّ الحاضر ، وهو هنا كناية عن الجاهل ، لأنّ الغيبة تستلزم الجهالة عرفاً ، أي الجهالة بأحوال المَغيب عنه ، فإنّها ولو بلغتْه بالأخبار لا تكون تامة عنده مثل المشاهد ، أي وما كنّا جاهلين بشيء من أحوالهم ، لأنّنا مطّلعون عليهم ، وهذا النّفي للغيبة مثل إثبات المعيَّة في قوله تعالى { وهو معكم أينما كنتم } الحديد 4 . وإثباتُ سؤال الأمم هنا لا ينافي نفيه في قوله تعالى { ولا يُسأل عن ذنوبهم المجرمون } القصص 78 ــــ وقوله ــــ { فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان } الرحمٰن 39 لأنّ المسؤول عنه هنا هو التّبليغ والمنفيَّ في الآيتين الآخريين هو السّؤال لمعرفة تفاصيل ذنوبهم ، وهو الذي أريد هنا في قوله { وما كنا غائبين } .