Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 71, Ayat: 17-18)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أنشأ الاستدلال بخلق السماوات حضورَ الأرض في الخيال فأعقَبَ نوح به دليلَهُ السابقَ ، استدلالاً بأعجب ما يرونه من أحوال ما على الأرض وهو حال الموت والإِقبار ، ومهَّد لذلك ما يتقدمه من إنشاء الناس . وأدمج في ذلك تعليمهم بأن الإِنسان مخلوق من عناصر الأرض مثل النبات وإعلامهم بأن بعد الموت حياة أخرى . وأُطلق على معنى أنشأكم ، فعلُ { أنبتكم } للمشابهة بين إنشاء الإِنسان وإنبات النبات من حيث إن كليهما تكوين كما قال تعالى { وأنبتها نباتاً حسناً } آل عمران 37 ، أي أنشأها وكما يقولون زَرعك الله للخير ، ويزيد وجه الشبه هنا قرباً من حيث إن إنشاء الإِنسان مركب من عناصر الأرض ، وقيل التقدير أنبتَ أصلكم ، أي آدم عليه السلام ، قال تعالى { كمثل آدم خلقه من تراب } آل عمران 59 . و { نباتاً } اسم من أنبت ، عومل معاملة المصدر فوقع مفعولاً مطلقاً لـ { أنبتكم } للتوكيد ، ولم يجر على قياس فعله فيقال إنباتاً ، لأن نباتاً أخف فلما تسَنى الإِتيان به لأنه مستعمل فصيح لم يُعدل عنه إلى الثقيل كمالاً في الفصاحة ، بخلاف قوله بعده { إخراجاً } فإنه لم يعدل عنه إلى خروجاً ، لعدم ملاءمته لألفاظ الفواصل قبلَه المبنية على ألف مثل ألف التأسيس فكما تعدّ مخالفتها في القافية عيباً كذلك تُعدّ المحافظة عليها في الأسجاع والفواصل كمالاً . وقد أدمج الإِنذار بالبعث في خلال الاستدلال ، ولكونه أهم رتبة من الاستدلال عليهم بأصل الإِنشاء عطفت الجملة بـ { ثم } الدالة على التراخي الرتبي في قوله { ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجاً } لأن المقصود من الجملة هو فعل { يخرجكم } ، وأما قوله { ثم يعيدكم } فهو تمهيد له . وأكد { يخرجكم } بالمفعول المطلق لردّ إنكارهم البعث .