Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 72, Ayat: 19-20)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ نافع وحده وأبو بكر عن عاصم بكسر الهمزة . وقرأه بقية العشرة في رواياتهم المشهورة بالفتح . ومآل القراءتين سواء في كون هذا خارجاً عما صدر عن الجن وفي كونه مما أوحى الله به . فكَسْر الهمزة على عطف الجملة على جملة { أُوحي إليَّ } الجن 1 ، والتقدير وقل إِنه لما قام عبد الله يدعوه لأن همزة إِنَّ إذا وقعت في محكي بالقول تكسر ، ولا يليق أن يجعل من حكاية مقالة الجن لأن ذلك قد انقضى وتباعد ونُقَل الكلام إلى أغراض أخرى ابتداء من قوله { وأن المساجد لله } الجن 18 . وأما الفتح فعلى اعتباره معطوفاً على جملة { أنه استمع نفر } الجن 1 ، أيْ وأوحي إلي أنه لما قام عبد الله ، أي أوحى الله إليَّ اقتراب المشركين من أن يكونوا لُبَداً على عبد الله لما قام يدعو ربَّه . وضمير { إنه } ضمير الشأن وجملة { لما قام عبد الله } إلى آخرها خبره . وضمير { كادوا يكونون } عائدان إلى المشركين المنبى عنهم المقام غيبة وخطاباً ابتداء من قوله { وألو استقاموا على الطريقة } الجن 16 إلى قوله { فلا تدعوا مع الله أحداً } الجن 18 . و { عبد الله } هو محمد صلى الله عليه وسلم وضع الاسم الظاهر موضع المضمر إذ مقتضى الظاهر أن يقال وأنه لما قمتَ تدعو الله كادوا يكونون عليك ، أو لما قمتُ أدعو الله ، كادوا يكونون عليَّ . ولكن عدل إلى الاسم الظاهر لقصد تكريم النبي صلى الله عليه وسلم بوصف { عبد الله } لما في هذه الإِضافة من التشريف مع وصف { عبدِ } كما تقدم غير مرة منها عند قوله { سبحان الذي أسرى بعبده } الإسراء 1 . { ولِبَداً } بكسر اللام وفتح الموحدة اسم جمع لِبْدة ، وهي ما تلبد بعضه على بعض ، ومنه لِبْدَة الأسد للشعر المتراكم في رقبته . والكلام على التشبيه ، أي كاد المشركون يكونون مثل اللَبد متراصين مقتربين منه يستمعون قراءته ودعوته إلى توحيد الله . وهو التفاف غيظ وغضب وهمٍ بالأذى كما يقال تأَلبوا عليه . ومعنى { قام } اجتهد في الدعوة إلى الله ، كقوله تعالى { إذ قاموا فقالوا ربّنا ربّ السماوات والأرض } في سورة الكهف 14 ، وقال النابغة @ بأن حِصنا وحيّاً من بني أسد قَاموا فقالوا حمانا غير مقروب @@ وقد تقدم عند قوله تعالى { ويقيمون الصلاة } في أول سورة البقرة 3 . ومعنى قيام النبي إعلانه بالدعوة وظهور دعوته قال جَزْءٌ بنُ كليب الفقعسي @ فلا تبغينها يا بنَ كُوز فإنه غذَا الناسُ مُذ قام النبي الجواريا @@ أي قام يعبدُ الله وحده ، كما دل عليه بيانه بقوله بعده { قال إنما أدعو ربّي ولا أشرك به أحداً } ، فهم لما لم يعتادوا دعاء غير الأصنام تجمعوا لهذا الحدث العظيم عليهم وهو دعاء محمد صلى الله عليه وسلم لله تعالى . وجملة { قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحداً } بيان لجملة { يدعوه } . وقرأ الجمهور { قال } بصيغة الماضي . وقرأه حمزة وعاصم وأبو جعفر { قل } بدون ألف على صيغة الأمر ، فتكون الجملة استئنافاً . والتقدير أوحي إلي أنه لما قام عبد الله إلى آخره قل إنما أدعو ربي ، فهو من تمام ما أوحي به إليه . و { إنما أدعو ربي } ، يفيد قصراً ، أي لا أدعو غيره ، أي لا أعبد غيره دونه . وعطف عليه { ولا أشرك به أحداً } تأكيداً لمفهوم القصر ، وأصله أن لا يعطف فعطفه لمجرد التشريك للعناية باستقلاله بالإِبلاغ .