Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 73, Ayat: 12-14)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهذا تعليل لجملة { وذرني والمكذبين } المزمل 11 ، أي لأن لدينا ما هو أشد عليهم من ردِّك عليهم ، وهذا التعليل أفاد تهديدهم بأن هذه النقم أعدت لهم لأنها لما كانت من خزائن نقمة الله تعالى كانت بحيث يضعها الله في المواضع المستأهلة لها ، وهم الذين بدّلوا نعمة الله كفراً ، فأعد الله لهم ما يكون عليهم في الحياة الأبدية ضداً لأصول النَّعمة التي خُوِّلوها ، فبطِروا بها وقابلوا المنعِم بالكفران . فالأنكال مقابل كفرانهم بنعمة الصحة والمقدرة لأن الأنكال القيود . والجحيم وهو نار جهنم مقابل ما كانوا عليه من لذة الاستظلال والتبرد . والطعام ذو الغُصة مقابل ما كانوا منهمكين فيه من أطعمتهم الهنيئة من الثمرات والمطبوخات والصيد . والأنكال جمع نِكْل بفتح النون وبكسرها وبسكون الكاف . وهو القيد الثقيل . والغُصَّة بضم الغين اسم لأثر الغصّ في الحلق وهو تردد الطعام والشراب في الحلق بحيث لا يسيغه الحلق من مرض أو حزن وعَبرة . وإضافة الطعام إلى الغُصة إضافة مجازية وهي من الإِضافة لأدنى ملابسة ، فإن الغصة عارض في الحلق سببه الطعام أو الشرب الذي لا يستساغ لبَشاعةٍ أو يبوسة . والعذاب الأليم مقابل ما في النعمة من ملاذ البشر ، فإن الألم ضد اللذة . وقد عرّف الحكماء اللذة بأنها الخلاص من الألم . وقد جمع الأخير جمع ما يضاد معنى النَّعمة بالفتح . وتنكير هذه الأجناس الأربعة لقصد تعظيمها وتهويلها ، و لدى يجوز أن يكون على حقيقته ويقدر مضاف بينه وبين نون العظمة . والتقدير لدى خزائننا ، أي خزائن العذاب ، ويجوز أن يكون مجازاً في القدرة على إيجاد ذلك متى أراد الله . ويتعلق { يوم ترجف } بالاستقرار الذي يتضمنه خبر { إن } في قوله { إن لدينا أنكالاً } . والرجف الزلزلة والاضطراب ، والمراد الرجف المتكرر المستمر ، وهو الذي يكون به انفراط أجزاء الأرض وانحلالها . والكثيب الرمل المجتمع كالربوة ، أي تصير حجارةُ الجبال دُقاقاً . ومهيل اسم فعول من هال الشيءَ هيلاً ، إذا نثره وصبّه ، وأصله مهيول ، استثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى الساكن قبلها فالتقى ساكنان فحذفت الواو ، لأنها زائدة ويدُلُّ عليها الضمة . وجيء بفعل { كانت } في قوله { وكانت الجبال كثيباً } ، للإِشارة إلى تحقيق وقوعه حتى كأنه وقع في الماضي . ووجه مخالفته لأسلوب { ترجف } أن صيرورة الجبال كثباً أمر عجيب غير معتاد ، فلعله يستبعده السامعون وأما رجف الأرض فهو معروف ، إلاّ أن هذا الرجف الموعود به أعظم ما عرف جنسه .