Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 74, Ayat: 8-10)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الفاء لتسبب هذا الوعيد عن الأمر بالإِنذار في قوله { فأنذر } المدثر 2 ، أي فأنذر المنذَرين وأنذرهم وقتَ النقر في الناقور وما يقع يومئذٍ بالذين أُنذروا فأعرضوا عن التذكرة ، إذ الفاء يجب أن تكون مرتبطة بالكلام الذي قبلها . ويجوز أن يكون معطوفاً على { فاصبر } المدثر 7 بناء على أنه أمر بالصبر على أذى المشركين . و { الناقور } البوق الذي ينادى به الجيش ويسمى الصُّور وهو قرن كبير ، أو شبهُه ينفخ فيه النافخ لنداء ناس يجتمعون إليه من جيش ونحوه ، قال خُفاف بن نَدْبَةَ @ إذا نَاقورُهم يوماً تَبَدَّى أجاب الناسُ من غرب وشَرق @@ ووزنه فاعول وهو زنة لما يقع به الفعل من النقْر وهو صوت اللسان مثل الصفير فقوله نُقر ، أي صُوِّت ، أي صوَّت مُصَوِّتٌ . وتقدم ذكر الصور في سورة الحاقة . و إذا اسم زمان أضيف إلى جملة { نقر في الناقور } وهو ظرف وعامله ما دل عليه قوله { فَذلك يومئذٍ يوم عسير } لأنه في قوة فِعْل ، أي عَسُر الأمرُ على الكافرين . وفاء { فذلك } لجزاء إذا لأن إذا يتضمن معنى شرط . والإِشارة إلى مدلول إذا نُقر ، أي فذلك الوقت يوم عسير . و { يومئذٍ } بدل من اسم الإِشارة وقع لبيان اسم الإشارة على نحو ما يبين بالاسم المعرف بـ « أل » في نحو { ذلك الكتابُ لا ريب فيه } البقرة 2 . ووصف اليوم بالعسير باعتبار ما يحصل فيه من العسر على الحاضرين فيه ، فهو وصف مجازي عقلي . وإنما العسير ما يقع فيه من الأحداث . و { على الكافرين } متعلق بـ { عسير } . ووصف اليوم ونحوه من أسماء الزمان بصفات أحداثِه مشهور في كلامهم ، قال السَمَوْأل ، أوْ الحارثي @ وأيَّامُنا مشهورةٌ في عدوّنا لها غُرر معلومة وحُجول @@ وإنما الغُرر والحجول مستعارة لصفات لقائهم العدوّ في أيامهم ، وفي المقامة الثلاثين « لا عَقَدَ هذا العقدَ المبجَّل ، في هذا اليوم الأغَر المُحْجَل ، إلاّ الذي جال وجَاب ، وشب في الكُدْيَة وشَاب » وقال تعالى { فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيام نحسات } في سورة فصلت 16 . و { غير يسير } تأكيد لمعنى { عسير } بمرادفه . وهذا من غرائب الاستعمال كما يقال عاجلاً غير آجل ، قال طالب بن أبي طالب @ فلْيكُن المغلوبَ غيرَ الغَالِبْ وليكن المسلوبَ غَيْر السَّالِبْ @@ وعليه من غير التأكيد قوله تعالى { قد ضلّوا وما كانوا مهتدين } الأنعام 140 { قد ضلَلْتُ إذاً وما أنا من المهتدين } الأنعام 56 . وأشار الزمخشري إلى أن فائدة هذا التأكيد ما يشعر به لفظ { غير } من المغايرة فيكون تعريضاً بأن له حالة أخرى ، وهي اليسر ، أي على المؤمنين ، ليجمع بين وعيد الكافرين وإغاظتهم ، وبشارة المؤمنين .