Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 82, Ayat: 13-16)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فصلت هذه الجملة عن التي قبلها لأنها استئناف بياني جوابٌ عن سؤال يخطر في نفس السامع يثيره قوله { بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين } الانفطار 9 ، 10 الآية لتشوف النفس إلى معرفة هذا الجزاء ما هو ، وإلى معرفة غاية إقامة الملائكة لإِحصاء الأعمال ما هي ، فبُين ذلك بقوله { إن الأبرار لفي نعيم } الآية . وأيضاً تتضمن هذه الجملة تقسيم أصحاب الأعمال فهي تفصيل لجملة { يعلمون ما تفعلون } الانفطار 12 وذلك من مقتضيات فصل الجملة عن التي قبلها . وجيء بالكلام مؤكداً بــــ { إن } ولا الابتداء ليساوي البيانُ مبيّنهُ في التحقيق ودفع الإنكار . وكرر التأكيد مع الجملة المعطوفة للاهتمام بتحقيق كونهم في جحيم لا يطمعوا في مفارقته . و { الأبرار } جمعُ برّ بفتح الباء وهو التقيّ ، وهو فَعْل بمعنى فاعل مشتق من بَرَّ يبر ، ولفعل برّ اسم مصدر هو برّ بكسر الباء ولا يعرف له مصدر قياسيّ بفتح الباء كأنهم أماتوه لئلا يلتبس بالبَرّ وهو التقيّ . وإنما سمي التقيّ بَرّاً لأنه بَرَّ ربه ، أي صدقه ووفى له بما عهد له من الأمر بالتقوى . و { الفُجَّار } جمع فاجر ، وصيغة فُعَّال تطّرد في تكسير فاعل المذكر الصحيح اللام . والفاجر المتصف بالفجور وهو ضد البرور . والمراد بـــ { الفجّار } هنا المشركون ، لأنهم الذين لا يغيبون عن النار طرفة عين وذلك هو الخلود ، ونحن أهل السنة لا نعتقد الخلود في النار لغير الكافر . فأما عصاة المؤمنين فلا يخلدون في النار وإلا لبطلت فائدة الإِيمان . والنعيم اسم ما يَنْعم به الإِنسان . والظرفية من قوله « في نعيم » مجازية لأن النعيم أمر اعتباري لا يكون ظرفاً حقيقة ، شبه دوام التنعم لهم بإحاطة الظرف بالمظروف بحيث لا يفارقه . وأما ظرفية قوله { لفي جحيم } فهي حقيقية . والجحيم صار علماً بالغلبة على جهنم ، وقد تقدم في سورة التكوير وفي سورة النازعات . وجملة { يصلونها } صفة لـــ { جحيم } ، أو حال من { الفجار } ، أو حال من الجحيم ، وصَلْيُ النار مَسُّ حرّها للجسم ، يقال صلي النارَ ، إذا أحس بحرّها ، وحقيقته الإِحساس بحرّ النار المؤلم ، فإذا أريد التدفّي قيل اصطلى . و { يوم الدين } ظرف لــــ { يصلونها } وذُكر لبيان أنهم يصلونها جزاء عن فجورهم لأن الدين الجزاء ويوم الدين يوم الجزاء وهو من أسماء يوم القيامة . وجملة { وما هم عنها بغائبين } عطف على جملة { يَصْلَوْنها } ، أي يَصْلون حرّها ولا يفارقونها ، أي وهم خالدون فيها . وجيء بقوله { وما هُمْ عنها بغائبين } جملةً اسمية دون أن يقال وما يغيبون عنها ، أو وما يفارقونها ، لإفادة الاسمية الثبات سواء في الإثبات أو النفي ، فالثّبات حالة للنسبة الخبرية سواء كانت نسبة إثبات أو نسبة نفي كما في قوله تعالى { وما هم بخارجين من النار } في سورة البقرة 167 . وزيادة الباء لتأكيد النفي . وتقديم { عنها } على متعلَّقه للاهتمام بالمجرور ، وللرعاية على الفاصلة .