Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 85, Ayat: 14-16)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
جملة معطوفة على جملة { إن بطش ربك لشديد } البروج 12 . ومضمونها قَسِيم لمضمون { إن بطش ربك لشديد } لأنه لما أفيد تعليل مضمون جملة { إن الذين فتنوا المؤمنين } البروج 10 إلى آخره ، ناسب أن يقابَل بتعليل مضمون جملة { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات } البروج 11 إلى آخره ، فعلِّل بقوله { وهو الغفور الودود } ، فهو يغفر للذين تابوا وآمنوا وعملوا الصالحات ما فَرَط منهم وهو يحب التّوابين ويَوَدُّهم . و { الودود } فَعول بمعنى فاعل مشتق من الودّ وهو المحبة فمعنى الودود المحِبّ وهو من أسمائه تعالى ، أي إنه يحب مخلوقاته ما لم يحيدوا عن وصايته . والمحبة التي يوصف الله بها مستعملة في لازم المحبة في اللغة تقريباً للمعنى المتعالي عن الكيف وهو من معنى الرحمة ، وقد تقدم عند قوله تعالى { إن ربي رحيم ودود } في آخر سورة هود 90 . ولما ذَكَر الله من صفاته ما تعلُّقه بمخلوقاته بحسب ما يستأهلونه من جزاءٍ أعْقب ذلك بصفاته الذاتية على وجه الاستطراد والتكملة بقوله { ذو العرش المجيد } تنبيهاً للعباد إلى وجوب عبادته لاستحقاقه العبادة لجلاله كما يعبدونه لاتقاء عقابه ورجاء نواله . و { العرش } اسم لعالَم يحيط بجميع السماوات ، سمي عرشاً لأنه دال على عظمة الله تعالى كما يدل العَرش على أن صاحبه من الملوك . و { المجيد } العظيم القويُّ في نوعه ، ومن أمثالهم « في كل شجر نارٌ ، واستَمْجَد المرْخُ والعَفَار » وهما شجران يكثر قدح النار من زندهما . وقرأه الجمهور بالرفع على أنه خبر رابع عن ضمير الجلالة . وقرأه حمزة والكسائي وخَلف بالجر نعتاً للعرش فوصف العرش بالمجد كناية عن مجد صاحب العرش . ثم ذَيل ذلك بصفة جامعة لعظمته الذاتية وعظمة نعمه بقوله { فعال لما يريد } أي إذا تعلقت إرادته بفعل ، فَعَله على أكمل ما تعلقت به إرادته لا ينقصه شيءٌ ولا يُبطىء به ما أراد تعجيله . فصيغة المبالغة في قوله { فعال } للدلالة على الكثرة في الكمية والكيفية . والإِرادة هنا هي المعرَّفة عندنا بأنها صفة تخصص الممكن ببعض ما يجوز عليه وهي غير الإِرادة بمعنى المحبة مثل { يريد اللَّه بكم اليسر } البقرة 185 .