Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 9-9)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
موقع هذه الجملة موقع الاستئناف الابتدائي المشعر استئنافه بعجيب حالهم فيصد استقلاله بالإخبار . وهذه الآية وصفَ القرآن فيها المشركين بمثل ما وصف به أهل الكتاب في سورة البقرة من الاشتراء بآيات الله ثمناً قليلاً ، ثم لم يوصفوا بمثل هذا في آيةٍ أخرى نزلت بعدها لأنّ نزولها كان في آخر عهد المشركين بالشرك إذ لم تطل مدة حتّى دخلوا في دين الله أفواجاً ، سنةَ الوفود وما بعدها ، وفيها دلالة على هؤلاء الذين بقُوا على الشرك من العرب ، بعد فتح مكة وظهور الإسلام على معظم بلاد العرب ، ليس لهم افتراء في صحة الإسلام ونهوض حجّته ، ولكنه بقُوا على الشرك لمنافع يجتنونها من عوائِد قومهم من غارات يشنّها بعضهم على بعض ، ومحبّة الأحوالِ الجاهلية من خمر وميسر وزنى ، وغير ذلك من المَذمات واللذّات الفائدة ، وذلك شيء قليل « آثروه على الهدى والنجاة في الآخرة . فلكون آيات صدق القرآن أصبحت ثابتة عندهم جعلت مِثل مال بأيديهم ، بذلوه وفرّطوا فيه لأجل اقتناء منافع قليلة ، فلذلك مُثّل حالهم بحال من اشترى شيئاً بشيء ، وقد مضى الكلام على مثل هذه الآية في سورة البقرة 16 . والمراد بــــ « الآيات » الدلائل ، وهي دلائل الدعوة إلى الإسلام ، وأعظمها القرآن لما اشتمل عليه من البراهين والحجاج والإعجاز والباء في قوله { بآيات الله } باء التعويض . وشأنها أن تدخل على ما هو عوض يبذله مالكه لأخذ معوّض يملكه غيره ، فجعلت آيات الله كالشيء المملوك لهم لأنها تقررت دلالتها عندهم ثم أعرضوا عنها واستبدلوها باتّباع هواهم . والتعبير عن العوض المشترى باسم ثمن الذي شأنه أن يكون مبذولاً لا مقتنى جارٍ على طريق الاستعارة تشبيهاً لمنافع أهوائهم بالثمن المبذول فحصُل من فعل { اشتروا } ومن لفظ { ثمناً } استعارتان باعتبارين . وجملة { فصدوا عن سبيله } مفرّعة على جملة { اشتروا بآيات الله } لأنّ إيثارهم البقاء على كفرهم يتسبّب عليه أن يصدّوا الناس عن اتّباع الإسلام ، فمثّل حالهم بحال من يصدّ الناس عن السير في طريق تبلّغ إلى المقصود . ومفعول { صدّوا } محذوف لقصد العموم ، أي صدّوا كل قاصد . وجملة { إنهم ساء ما كانوا يعملون } ابتدائية أيضاً ، فصلت عن التي قبلها ليظهر استقلالها بالإخبار ، وأنّها لا ينبغي أن تعطف في الكلام ، إذ العطف يجعل الجملة المعطوفة بمنزلة التكملة للمعطوفة عليها . وافتتحت بحرف التأكيد للاهتمام بهذا الذم لهم . و { ساء } من أفعال الذم ، من باب بئس ، و { ما كانوا يعملون } مخصوص بالذم . وعبّر عن عملهم بـــ { كَانوا يعملون } للإشارة إلى أنّه دأب لهم ومتكرّر منهم .