Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 1, Ayat: 5-5)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } . أشار في هذه الآية الكريمة إلى تحقيق معنى لا إله إلا الله لأن معناها مركب من أمرين نفي وإثبات . فالنفي خلع جميع المعبودات غير الله تعالى في جميع أنواع العبادات ، والإثبات إفراد رب السموات والأرض وحده بجميع أنواع العبادات على الوجه المشروع . وقد أشار إلى النفي من لا إله إلا الله بتقديم المعمول الذي هو { إِيَّاكَ } . وقد تقرر في الأصول ، في مبحث دليل الخطاب الذي هو مفهوم المخالفة . وفي المعاني في مبحث القصر أن تقديم المعمول من صيغ الحصر . وأشار إلى الإثبات منها بقوله { نَعْبُدُ } . وقد بين معناها المشار إليه هنا مفصلاً في آيات أخر كقوله { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ } البقرة 21 الآية - فصرح بالإثبات منها بقوله { ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ } وصرح بالنفي منها في آخر الآية الكريمة بقوله { فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلَّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } البقرة 22 وكقوله { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّاغُوتَ } النحل 36 فصرح بالإثبات بقوله { أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } وبالنفي بقوله { وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّاغُوتَ } وكقوله { فَمَن يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ } البقرة 256 فصرح بالنفي منها بقوله { فَمَن يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ } البقرة 256 وبالإثبات بقوله { وَيُؤْمِن بِٱللَّهِ } البقرة 256 وكقوله { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي } الزخرف 26 - 27 الآية - وكقوله { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِيۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ } الأنبياء 25 وقوله { وَسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } الزخرف 45 إلى غير ذلك من الآيات . قوله تعالى { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } . أي لا نطلب العون إلا منك وحدك . لأن الأمر كله بيدك وحدك لا يملك أحد منه معك مثقال ذرة . وإتيانه بقوله { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } بعد قوله { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } ، فيه إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يتوكل إلا على من يستحق العبادة . لأن غيره ليس بيده الأمر . وهذا المعنى المشار إليه هنا جاء مبيناً واضحاً في آيات أخر كقوله { فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } هود 123 الآية - وقوله { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } التوبة 129 الآية - وقوله { رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً } المزمل 9 وقوله { قُلْ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا } الملك 29 إلى غير ذلك من الآيات .