Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 107, Ayat: 1-3)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الذي يكذب بالدين ، فيه اسم الموصول مبهم بينه ما بعده ، وهو الذي يدع اليتيم ، ولا يحض على طعام المسكين . وقد بين تعالى في آية أخرى ، أن الإيمان بيوم الدين يحمل صاحبه على إطعام اليتيم والمسكين في قوله تعالى : { وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً } [ الإنسان : 8 ] . ثم قال مبيناً الدافع على إطعامهم إياهم : { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُوراً إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً } [ الإنسان : 9 - 10 ] . وهنا سؤال : وهو لم خص المكذبين بيوم الدين عمن يرتكب هذين الأمرين دع اليتيم ، وهو دفعه وزجره ، وعدم الحض على إطعام المسكين ، وبالتالي عدم إطعامه هو من عنده ؟ والجواب : أنهما نموذجان ، ومثالان فقط . والأول منهما : مثال للفعل القبيح . والثاني : مثال للترك المذموم . ولأنهما عملان إن لم يكونا إسلاميين فهما إنسانيان ، قبل كل شيء . وفي الآية الأخرى توجيه للجواب ، وهو أن المؤمن يخاف من الله يوماً عبوساً ، وعبر بالعبوس في حق يوم القيامة ، لئلا يعبس هو في وجه اليتيم والمسكين لضعفهما . ومن جانب آخر فإن كان التكذيب بيوم الدين ، يحمل على كل الموبقات ، إلا أنها قد تجد ما يمنع منها ، كالقتل والزنى والخمر لتعلق حق الآخرين ، وكذلك السرقة والنهب . أما إيذاء اليتيم وضياع المسكين ، فليس هناك من يدفع عنه ، ولا يمنع إيذاء هؤلاء عنهما ، وليس لديهما الجزاء الذي ينتظره أولئك منهم على الإحسان إليهم . وجبلت النفوس على ألا تبدل إلا بعوض ، ولا تكف إلا عن خوف ، فالخوف مأمون من جانبي اليتيم والمسكين ، والجزاء غير مأمول منهما ، فلم يبق دافع للإحسان إليهما ، ولا رادع عن الإساءة لهما إلا الإيمان بيوم الدين والجزاء ، فيحاسب الإنسان على مثقال الذرة من الخير . وقيل : إن دع اليتيم : هو طرده عن حقه وعدم الحض على طعام المسكين : عدم إخراج الزكاة . ولكن في الآية ما يمنع ذلك ، لأن الزكاة إنما يطالب بها المؤمن والسياق فيمكن يكذب بيوم الدين فلا زكاة .