Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 112, Ayat: 1-1)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الأحد : قال القرطبي : أي الواحد الوتر ، الذي لا شبيه له ولا نظير ، ولا صاحبة ، ولا ولد ، ولا شريك . 1هـ . ومعلوم أن كل هذه المعاني صحيحة ، في حقه تعالى . وأصل أحد : وحد : قلبت الواو همزة . ومنه قول النابغة : @ كأن رحلي وقد زال النهار بنا بذي الجليل على مستأنس وحد @@ وقال الفخر الرازي في أحد وجهان : أحدهما : أنه بمعنى واحد . قال الخليل : يجوز أن يقال : أحد اثنان ثلاثة ، ثم ذكر أصلها وحد ، وقلبت الواو همزة للتخفيف . والثاني : أن الواحد والأحد ليسا اسمين مترادفين . قال الأزهري : لا يوصف شيء بالأحدية غير الله تعالى ، لا يقال : رجل أحد ولا درهم أحد ، كما يقال : رجل واحد أي فرد به ، بل أحد صفة من صفات الله تعالى استأثر بها فلا يشركه فيها شيء . ثم قال : ذكروا في الفرق بين الواحد والأحد وجوهاً : أحدهما : أن الواحد يدخل في الأحد ، والأحد لا يدخل فيه . وثانيها : أنك لو قلت : فلان لا يقاومه واحد ، جاز أن يقال : لكنه يقاومه اثنان بخلاف الأحد . فإنك لو قلت : فلان لا يقاومه أحد ، لا يجوز أن يقال : لكنه يقاومه اثنان . وثالثها : أن الواحد ، يستعمل في الإثبات ، والأحد يستعمل في النفي . تقول في الإثبات رأيت رجلاً واحداً . وتقول في النفي : ما رأيت أحداً ، فيفيد العموم . أما ما نقله عن الخليل ، وقد حكاه صاحب القاموس فقال : ورجل وحد وأحد ، أي خلافاً لما قاله الأزهري . وأما قوله : إن أحداً تستعمل في النفي فقد جاء استعمالها في الإثبات أيضاً . كقوله : { أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ } [ المائدة : 6 ] . فتكون أغلبية في استعمالها ودلالتها في العموم واضحة . وقال في معجم مقاييس اللغة في باب الهمزة والحاء وما بعدها : أحد ، إنها فرع والأصل الواو وحد . وقد ذكر في الواو وفي مادة وحد . قال : الواو والحاء والدال أصل واحد يدل على الانفراد من ذلك الوحدة بفتح الواو وهو واحد قبيلته ، إذا لم يكن فيهم مثله . قال : @ يا واحد العرب الذي ما في الأنام له نظير @@ وقيل : إن هذا البيت لبشار يمدح عقبة بن مسلم ، أو إلى ابن المولى يزيد بن حاتم ، نقلاً عن الأغاني . فيكون بهذا ثبت أن الأصل بالواو والهمزة فرع عنه . وتقدم أن دلالتها على العموم أوضح أي أحد . وقد دلت الآية الكريمة ، على أن الله سبحانه وتعالى أحد ، أي في ذاته وصفاته لا شبيه ولا شريك ، ولا نظير ولا ند له ، سبحانه وتعالى . وقد فسره ضمنا قوله : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [ الإخلاص : 4 ] . وقوله : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } [ الشورى : 11 ] ، أما المعنى العام فإن القرآن كله ، والرسالة المحمدية كلها ، بل وجميع الرسالات ، إنما جاءت لتقرير هذا المعنى ، بأن الله سبحانه واحد أحد . بل كل ما في الوجود شاهد على ذلك . كما قيل : @ وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد @@ أما نصوص القرآن على ذلك فهي أكثر من أن تحصى ، لأنها بمعنى لا إله إلا الله . وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه ، إشارة إلى ذلك في أول الصافات وفي غيرها ، وفي البقرة { وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ } [ البقرة : 163 ] . وفي التوبة : { وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } [ التوبة : 31 ] ، فجاء مقروناً بلا إله إلاَّ الله . وفي صۤ قوله : { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ } [ ص : 65 ] . وكما قدمنا أن الرسالة كلها جاءت لتقرير هذا المعنى ، كما في قوله : { هَـٰذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } [ إبراهيم : 52 ] ، سبحانه جل جلاله وتقدست أسماؤه وتنزهت صفاته ، فهو واحد أحد في ذاته وفي أسمائه وفي صفاته وفي أفعاله . وقد جاء القرآن بتقرير هذا المعنى عقلاً كما قرره نقلاً ، وذلك في قوله تعالى : { قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إِلَىٰ ذِي ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً } [ الإسراء : 42 - 43 ] . وقوله : { لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا } [ الأنبياء : 22 ] . فدل على عدم فسادهما بعدم تعددهما ، وجمع العقل والنقل في قوله : { مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } [ المؤمنون : 91 ] .