Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 83-83)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا } الآية . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الكفار يعرفون نعمة الله . لأنهم يعلمون أنه هو الذي يرزقهم ويعافيهم ، ويدبر شؤونهم ، ثم ينكرون هذه النعمة . فيعبدون معه غيره ، ويسوونه بما لا ينفع ولا يضر ، ولا يغني شيئاً . وقد أوضح جل وعلا هذا المعنى في آيات كثيرة . كقوله { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } يونس 31 . فقوله { فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ } دليل على معرفتهم نعمته . وقوله { فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } دليل على إنكارهم لها . والآيات بمثل هذا كثيرة جداً . وروي عن مجاهد أن سبب نزول هذه الآية الكريمة أن أعرابياً أتى النَّبي صلى الله عليه وسلم فسأله . فقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً } النحل 80 فقال الأعرابي نعم ! قال { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ ٱلأَنْعَامِ بُيُوتاً } النحل80 الآية . قال الأعرابي نعم ! ثم قرأ عليه كل ذلك يقول الأعرابي نعم ! حتى بلغ { كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } النحل 81 فولى الأعرابي . فأنزل الله { يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا } النحل 83 الآية . وعن السدي رحمه الله { يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ ٱللَّهِ } أي نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ثم ينكرونها . أي يكذبونه وينكرون صدقه . وقد بين جل وعلا أن بعثة نبيه صلى الله عليه وسلم فيهم من منن الله عليهم . كما قال تعالى { لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ } آل عمران 164 الآية . وبين في موضع آخر أنهم قابلوا هذه النعمة بالكفران . وذلك في قوله { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ } إبراهيم 28 . وقيل يعرفون نعمة الله في الشدة ، ثم ينكرونها في الرخاء . وقد تقدمت الآيات الدالة على ذلك ، كقوله { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } العنكبوت 65 ، ونحوها من الآيات - إلى غير ذلك من الأقوال في الآية . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْكَافِرُونَ } النحل 83 قال بعض العلماء معناه أنهم كلهم كافرون . أطلق الأكثر وأراد الكل . قال القرطبي والشوكاني . وقال الشوكاني أو أراد بالأكثر العقلاء دون الأطفال ونحوهم . أو أراد كفر الجحود ، ولم يكن كفر كلهم كذلك ، بل كان كفر بعضهم كفر جهل .