Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 88-88)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اعلم أولاً أن " صد " تستعمل في اللغة العربية استعمالين أحدهما - أن تستعمل متعدية إلى المفعول ، كقوله تعالى { هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } الفتح 25 الآية ، ومضارع هذه المتعدية " يصد " بالضم على القياس ، ومصدرها " الصد " على القياس أيضاً . والثاني - أن تستعمل " صد " لازمة غير متعدية إلى المفعول ، ومصدر هذه " الصدود " على القياس ، وفي مضارعها الكسر على القياس ، والضم على السماع . وعليهما القراءتان السبعيتان في قوله { إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } الزخرف 57 بالكسر والضم . فإذا عرفت ذلك - فاعلم أن قوله تعالى في هذه الآية الكريمة { وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } محتمل لأن تكون " صد " متعدية ، والمفعول محذوف لدلالة المقام عليه . على حد قوله في الخلاصة @ وحذف فضلة أجز إن لم يضر كحذف ما سيق جواباً أو حصر @@ ومحتمل لأن تكون " صد " لازمة غير متعدية إلى المفعول ، ولكن في الآية الكريمة ثلاث قرائن تدل على أن " صد " متعدية ، والمفعول محذوف ، أي وصدوا الناس عن سبيل الله . الأولى - أنا لو قدرنا " صد " لازمة ، وأن معناها صدودهم في أنفسهم عن الإسلام - لكان ذلك تكراراً من غير فائدة مع قوله { الذين كفروا } بل معنى الآية كفروا في أنفسهم ، وصدوا غيرهم عن الدين فحملوه على الكفر أيضاً . القرينة الثانية - قوله تعالى { زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ ٱلْعَذَابِ } النحل88 فإن هذه الزيادة من العذاب لأجل إضلالهم غيرهم ، والعذاب المزيدة فوقه هو عذابهم على كفرهم في أنفسهم . بدليل قوله في المضلين الذين أضلوا غيرهم { أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } النحل 25 الآية ، وقوله { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } العنكبوت 13 الآية كما تقدم إيضاحه . القرينة الثالثة - قوله { بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ } فإنه يدل على أنهم كانوا يفسدون على غيرهم مع ضلالهم في أنفسهم ، وقوله { فَوْقَ ٱلْعَذَابِ } أي الذي استحقوه بضلالهم وكفرهم . وعن ابن مسعود . أن هذا العذاب المزيد عقارب أنيابها كالنخل الطوال ، وحيات مثل أعناق الإبل ، وأفاعي كأنها البخاتي تضربهم . أعاذنا الله وإخواننا المسلمين منها ! والعلم عند الله تعالى .