Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 89-89)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ وَنَزَّلْنَا } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه يوم القيامة يبعث في كل أمة شهيداً عليهم من أنفسهم يشهد عليهم بما أجابوا به رسولهم ، وأنه يأتي بنبينا صلى الله عليه وسلم شاهداً علينا . وبين هذا المعنى في غير هذا الموضع . كقوله { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلأَرْضُ } النساء 41 - 42 الآية ، وكقوله { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُم } المائدة 109 ، وكقوله { فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ } الأعراف 6 ، إلى غير ذلك من الآيات . وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما " عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ علي قال فقلت يا رسول الله ، أأقرأ عليك وعليك أنزل ؟ ! قال " نعم . إني أحب أن أسمعه من غيري " فقرأت " سورة النساء " حتى أتيت إلى هذه الآية { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً } النساء41 فقال " حسبك الآن " فإذا عيناه تذرفان اهـ " وقوله تعالى { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه نزل على رسوله هذا الكتاب العظيم تبياناً لكل شيء . وبين ذلك في غير هذا الموضع ، كقوله { مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَابِ مِن شَيْءٍ } الأنعام 38 على القول بأن المراد بالكتاب فيها القرآن . أما على القول بأنه اللوح المحفوظ . فلا بيان بالآية . وعلى كل حال فلا شك أن القرآن فيه بيان كل شيء . والسنة كلها تدخل في آية واحدة منه . وهي قوله تعالى { وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ } الحشر 7 . وقال السيوطي في " الإكليل في استنباط التنزيل " قال تعالى { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ } وقال { مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَابِ مِن شَيْءٍ } الأنعام 38 ، وقال صلى الله عليه وسلم " ستكون فتنة " . قيل وما المخرج منها ؟ قال " كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم " أخرجه الترمذي ، وغيره وقال سعيد بن منصور في سننه حدثنا خديج بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن مرة ، عن ابن مسعود قال من أراد العلم فعليه بالقرآن . فإن فيه خبر الأولين والآخرين . قال البيهقي أراد به أصول العلم . وقال الحسن البصري أنزل الله مائة وأربعة كتب ، أودع علومها أربعة التوارة ، والإنجيل ، والزبور ، والفرقان . ثم أودع علوم الثلاثة الفرقان ، ثم أودع علوم القرآن المفصل ، ثم أودع علوم المفصل فاتحة الكتاب . فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير الكتب المنزلة . أخرجه البيهقي " في الشعب " . وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه جميع ما تقوله الأمة شرح للسنة ، وجميع شرح السنة شرح للقرآن . وقال بعض السلف ما سمعت حديثاً إلا التمست له آية من كتاب الله . وقال سعيد بن جبير ما بلغني حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهه إلا وجدت مصداقه في كتاب الله . أخرجه ابن أبي حاتم . وقال ابن مسعود إذا حدثتكم بحديث أنبأتكم بتصديقه من كتاب الله . أخرجه ابن أبي حاتم . وقال ابن مسعود أيضاً أنزل في القرآن كل علم ، وبين لنا فيه كل شيء ، ولكن علمنا يقصر عما بين لنا في القرآن . أخرجه ابن جرير ، وابن أبي حاتم . وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله لو أغفل شيئاً لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة " . وقال الشافعي أيضاً جميع ما حكم به النَّبي صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن . قلت ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم " إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه ، ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه " رواه بهذا اللفظ الطبراني في الأوسط من حديث عائشة . وقال الشافعي أيضاً ليست تنزل بأحد في الدين نازلة إلا في كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها . فإن قيل من الأحكام ما ثبت ابتداء بالسنة ؟ قلنا ذلك مأخوذ من كتاب الله في الحقيقة . لأن كتاب الله أوجب علينا اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفرض علينا الأخذ بقوله . وقال الشافعي مرة بمكة سلوني عما شئتم ، أخبركم عنه من كتاب الله . فقيل له ما تقول في المحرم يقتل الزنبور ؟ فقال بسم الله الرحمن الرحيم ، قال الله تعالى { وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ } الحشر 7 وحدثنا سفيان بن عيينة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة بن اليمان ، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " وحدثنا سفيان ، عن مسعر بن كدام ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، عن عمر بن الخطاب أنه أمر بقتل المحرم الزنبور . وروى البخاري عن ابن مسعود قال لعن الله الواشمات والمستوشمات ، والمتنمصات والمتفلجات للحسن ، المغيرات لخلق الله ، فقالت له امرأة في ذلك . فقال وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو في كتاب الله . فقالت لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول ؟ ! قال لئن قرآتيه لقد وجدتيه ! أما قرأت { وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ } الحشر 7 ؟ قالت بلى . قال فإنه قد نهى عنه . وقال ابن برجان ما قال النَّبي صلى الله عليه وسلم من شيء فهو في القرآن ، أو فيه أصله قرب أو بعد ، فهمه من فهم ، أو عمه عنه من عمه ، وكذا كل ما حكم أو قضى به . وقال غيره ما من شيء إلا يمكن استخراجه من القرآن لمن فهمه الله تعالى . حتى إن بعضهم استنبط عمر النَّبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وستين من قوله " في سورة المنافقين " { وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ } المنافقون 11 فإنها رأس ثلاث وستين سورة ، وعقبها " بالتغابن " ليظهر التغابن في فقده . وقال المرسي جمع القرآن علوم الأولين والآخرين ، بحيث لم يحط بها علماً حقيقة إلا المتكلم به ، ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خلا ما استأثر الله به سبحانه ، ثم ورث عنه معظم ذلك سادات الصحابة وأعلامهم . مثل الخلفاء الأربعة ، ومثل ابن مسعود ، وابن عباس حتى قال لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله . ثم ورث عنهم التابعون لهم بإحسان ، ثم تقاصرت الهمم ، وفترت العزائم ، وتضاءل أهل العلم ، وضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة والتابعون من علومه وسائر فنونه . فنوعوا علومه ، وقامت كل طائفة بفن من فنونه . فاعتنى قوم بضبط لغاته ، وتحرير كلماته ، ومعرفة مخارج حروفه وعددها ، وعدد كلماته وآياته ، وسوره وأجزائه ، وأنصافه وأرباعه ، وعدد سجداته ، إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهة ، والآيات المتماثلة . من غير تعرض لمعانيه ، ولا تدبر لما أودع فيه . فسموا القراء . واعتنى النحاة بالمعرب منه والمبني من الأسماء والأفعال ، والحروف العاملة وغيرها . وأوسعوا الكلام في الأسماء وتوابعها ، وضروب الأفعال ، واللازم والمتعدي ، ورسوم خط الكلمات ، وجميع ما يتعلق به . حتى إن بعضهم أعرب مشكله . وبعضهم أعربه كلمة كلمة . واعتنى المفسرون بألفاظه ، فوجدوا منه لفظاً يدل على معنى واحد ، ولفظاً يدل على معنيين ، ولفظاً يدل على أكثر ، فأجروا الأول على حكمه ، وأوضحوا الخفي منه ، وخاضوا إلى ترجيح أحد محتملات ذي المعنيين أو المعاني ، وأعمل كل منهم فكره ، وقال بما اقتضاه نظره . واعتنى الأصوليون بما فيه من الأدلة العقلية ، والشواهد الأصلية والنظرية . مثل قوله { لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا } الأنبياء 22 ، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة . فاستنبطوا منه أدلة على وحدانية الله ووجوده ، وبقائه وقدمه ، وقدرته وعلمه ، وتنزيهه عما لا يليق به . وسموا هذا العلم بـ " أصول الدين " . وتأملت طائفة معاني خطابه . فرأت منها ما يقتضي العموم ، ومنها ما يقتضي الخصوص ، إلى غير ذلك فاستنبطوا منه أحكام اللغة من الحقيقة والمجاز ، وتكلموا في التخصيص والإضمار ، والنص والظاهر ، والمجمل والمحكم والمتشابه ، والأمر والنهي والنسخ ، إلى غير ذلك من أنواع الأقيسة ، واستصحاب الحال والاستقراء . وسموا هذا الفن " أصول الفقه " . وأحكمت طائفة صحيح النظر ، وصادق الفكر فيما فيه من الحلال والحرام ، وسائر الأحكام ، فأسسوا أصوله وفروعه ، وبسطوا القول في ذلك بسطاً حسناً . وسموه بـ " علم الفروع " وبـ " الفقه أيضاً " . وتلمحت طائفة ما فيه من قصص القرون السابقة ، والأمم الخالية ، ونقلوا أخبارهم ، ودونوا آثارهم ووقائعهم . حتى ذكروا بدء الدنيا ، وأول الأشياء وسموا ذلك بـ " التاريخ والقصص " . وتنبه آخرون لما فيه من الحكم والأمثال ، والمواعظ التي تقلقل قلوب الرجال ، وتكاد تدكدك الجبال . فاستنبطوا مما فيه من الوعد والوعيد ، والتحذير والتبشير ، وذكر الموت والمعاد ، والنشر والحشر ، والحساب والعقاب ، والجنة والنار - فصولاً من المواعظ ، وأصولاً من الزواجر . فسموا بذلك " الخطباء والوعاظ " . واستنبط قوم مما فيه من أصول التعبير . مثل ما ورد في قصة يوسف من البقرات السمان ، وفي منامي صاحبي السجن ، وفي رؤية الشمس والقمر والنجوم ساجدات ، وسموه " تعبير الرؤيا " . واستنبطوا تفسير كل رؤيا من الكتاب . فإن عز عليهم إخراجها منه ، فمن السنة التي هي شارحة الكتاب ، فإن عسر فمن الحكم والأمثال . ثم نظروا إلى اصطلاح العوام في مخاطباتهم ، وعرف عاداتهم الذي أشار إليه القرآن بقوله { وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ } الأعراف 199 . وأخذ قوم مما في آيات المواريت من ذكر السهام وأربابها ، وغير ذلك " علم الفرائض " واستنبطوا منها من ذكر النصف والثلث ، والربع والسدس والثمن " حساب الفرائض " ، ومسائل العول . واستخرجوا منه أحكام الوصايا . ونظر قوم إلى ما فيه من الآيات الدالات على الحكم الباهرة في الليل والنهار ، والشمس والقمر ومنازله ، والنجوم والبروج ، وغير ذلك - فاستخرجوا " علم المواقيت " . ونظر الكتاب والشعراء إلى ما فيه من جزالة اللفظ وبديع النظم ، وحسن السياق والمبادىء ، والمقاطيع والمخالص والتلوين في الخطاب ، والإطناب والإيجاز ، وغير ذلك . فاستنبطوا منه " علم المعاني والبيان والبديع " . ونظر فيه أرباب الإشارات وأصحاب الحقيقة ، فلاح لهم من ألفاظه معان ودقائق ، جعلوا لها أعلاماً اصطلحوا عليها ، مثل الغناء والبقاء ، والحضور والخوف والهيبة ، والأنس والوحشة ، والقبض والبسط ، وما أشبه ذلك . هذه الفنون التي أخذتها الملة الإسلامية منه . وقد احتوى على علوم أخر من علوم الأوائل ، مثل الطب والجدل والهيئة ، والهندسة والجبر ، والمقابلة والنجامة ، وغير ذلك . أما الطب - فمداره على حفظ نظام الصحة ، واستحكام القوة . وذلك إنما يكون باعتدال المزاج تبعاً للكيفيات المتضادة ، وقد جمع ذلك في آية واحدة وهي قوله { وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } الفرقان 67 . وعرفناه فيه بما يعيد نظام الصحة بعد اختلاله ، وحدوث الشفاء للبدن بعد اعتلاله في قوله { شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ } النحل 69 . ثم زاد على طب الأجساد بطب القلوب ، وشفاء الصدور . وأما الهيئة - ففي تضاعيف سوره من الآيات التي ذكر فيها من ملكوت السموات والأرض ، وما بث في العالم العلوي والسفلي من المخلوقات . وأما الهندسة - ففي قوله { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ ٱللَّهَبِ } المرسلات 30 - 31 فإن فيه قاعدة هندسية ، وهو أن الشكل المثلث لا ظل له . وأما الجدل - فقد حوت آياته من البراهين والمقدمات والنتائج ، والقول بالموجب ، والمعارضة ، وغير ذلك شيئاَ كثيراً ، ومناظرة إبراهيم أصل في ذلك عظيم . وأما الجبر والمقابلة - فقد قيل إن أوائل السور ذكر عدد وأعوام وأيام لتواريخ أمم سالفة ، وإن فيها تاريخ بقاء هذه الأمة ، وتاريخ مدة الدنيا ، وما مضى وما بقي ، مضروباً بعضها في بعض . وأما النجامة - ففي قوله { أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ } الأحقاف 4 فقد فسره ابن عباس بذلك . وفيه من أصول الصنائع ، وأسماء الآلات التي تدعو الضرورة إليها - فمن الصنائع الخياطة في قوله { وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ } الأعراف 22 الآية . والحدادة في قوله تعالى { آتُونِي زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ } الكهف 96 ، وقوله { وَأَلَنَّا لَهُ ٱلْحَدِيدَ } سبأ 10 الآية . والبناء في آيات ، والنجارة { أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ } المؤمنون 27 ، والغزل { نَقَضَتْ غَزْلَهَا } النحل 92 ، والنسج { كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتاً } العنكبوت 41 ، والفلاحة { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ } الواقعة 63 في آيات أخر ، والصيد في آيات ، والغوص { وَٱلشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ } ص 37 { وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً } فاطر 12 ، والصياغة { وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً } الأعراف 148 الآية . والزجاجة { صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوارِيرَ } النمل 44 ، { ٱلْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ } النور 35 ، والفخارة { فَأَوْقِدْ لِي يٰهَامَانُ عَلَى ٱلطِّينِ } القصص 38 ، والملاحة { أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ } الكهف 79 ، والكتابة { عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ } العلق 4 في آيات أخر ، والخبز والطحن { أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ ٱلطَّيْرُ مِنْهُ } يوسف 36 ، والطبخ { بِعِجْلٍ حَنِيذٍ } هود 69 ، والغسل والقصارة { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } المدثر 4 ، { قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ } آل عمران 52 وهم القصارون ، والجزارة { إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ } المائدة 3 ، والبيع والشراء في آيات كثيرة ، والصبغ { صِبْغَةَ ٱللَّهِ } البقرة 138 الآية ، { جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ } فاطر 27 الآية ، والحجارة { وَتَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً } الشعراء 149 ، والكيالة والوزن في آيات كثيرة ، والرمي { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ } الأنفال 17 ، { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ } الأنفال 60 . وفيه من أسماء الآلات ، وضروب المأكولات والمشروبات والمنكوحات ، وجميع ما وقع ويقع في الكائنات - ما يحقق معنى قوله { مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَابِ مِن شَيْءٍ } الأنعام 38 انتهى كلام المرسي ملخصاً مع زيادات . قلت قد اشتمل كتاب الله على كل شيء . أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسألة هي أصل ، إلا وفي القرآن ما يدل عليها . وفيه علم عجائب المخلوقات ، وملكوت السموات والأرض ، وما في الأفق الأعلى ، وما تحت الثرى ، وبدء الخلق ، وأسماء مشاهير الرسل والملائكة ، وعيون أخبار الأمم السالفة . كقصة آدم مع إبليس في إخراجه من الجنة ، وفي الولد الذي سماه عبد الحارث ، ورفع إدريس وإغراق قوم نوح ، وقصة عاد الأولى والثانية ، وثمود ، والناقة ، وقوم لوط ، وقوم شعيب الأولين والآخرين فإنه أرسل مرتين . وقوم تبع ، ويونس ، وإلياس ، وأصحاب الرس ، وقصة موسى في ولادته وفي إلقائه في اليم ، وقتله القبطي ، ومسيره إلى مدين وتزوجه ابنة شعيب ، وكلامه تعالى بجانب الطور ، وبعثه إلى فرعون ، وخروجه وإغراق عدوه ، وقصة العجل ، القوم الذين خرج بهم وأخذتهم الصعقة ، وقصة القتال وذبح البقرة ، وقصته في قتال الجبارين ، وقصته مع الخضر والقوم الذين ساروا في سرب من الأرض إلى الصين ، وقصة طالوت وداود مع جالوت وقتله ، وقصة سليمان وخبره مع ملكة سبأ وفتنته ، وقصة القوم الذين خرجوا فراراً من الطاعون فأماتهم الله ثم أحياهم ، وقصة إبراهيم في مجادلته قومه ، ومناظرته النمروذ ، ووضعه إسماعيل مع أمه بمكة ، وبنائه البيت ، وقصة الذبيح ، وقصة يوسف وما أبسطها ، وقصة مريم وولادتها عيسى وإرساله ورفعه ، وقصة زكريا وابنه يحيى ، وأيوب وذي الكفل ، وقصة ذي القرنين ومسيره إلى مطلع الشمس ومغربها وبنائه السد ، وقصة أصحاب الكهف والرقيم ، وقصة بختنصر ، وقصة الرجلين اللذين لأحدهما الجنة ، وقصة أصحاب الجنة الذين أقسموا ليصرمنها مصبحين ، وقصة مؤمن آل فرعون ، وقصة أصحاب الفيل ، وقصة الجبار الذي أراد أن يصعد إلى السماء . وفيه من شأن النَّبي صلى الله عليه وسلم دعوة إبراهيم به ، وبشارة عيسى وبعثه وهجرته . ومن غزواته غزوة بدر في سورة الأنفال وأحد في آل عمران وبدر الصغرى فيها ، والخندق في الأحزاب ، والنضير في الحشر ، والحديبية في الفتح ، وتبوك في براءة ، وحجة الوادع في المائدة ، ونكاحه زينب بنت جحش ، وتحريم سريته ، وتظاهر أزواجه عليه ، وقصة الإفك ، وقصة الإسراء ، وانشقاق القمر ، وسحر اليهود إياه . وفيه بدء خلق الإنسان إلى موته ، وكيفية الموت ، وقبض الروح وما يفعل بها بعد صعودها إلى السماء ، وفتح الباب للمؤمنة وإلقاء الكافرة ، وعذاب القبر والسؤال فيه ، ومقر الأرواح ، وأشراط الساعة الكبرى العشرة ، وهي نزول عيسى ، وخروج الدجال ، ويأجوج ومأجوج ، والدابة ، والدخان ، ورفع القرآن ، وطلوع الشمس من مغربها ، وإغلاق باب التوبة ، والخسف . وأحوال البعث من نفخة الصور ، والفزع ، والصعق ، والقيام ، والحشر والنشر ، وأهوال الموقف ، وشدة حر الشمس ، وظل العرش ، والصراط ، والميزان ، والحوض ، والحساب لقوم ، ونجاة آخرين منه ، وشهادة الأعضاء ، وإيتاء الكتب بالأيمان والشمائل وخلف الظهور ، والشفاعة ، والجنة وأبوابها ، وما فيها من الأشجار والثمار والأنهار ، والحلي والألوان ، والدرجات ، ورؤيته تعالى ، والنار وما فيها من الأودية ، وأنواع العقاب ، وألوان العذاب ، والزقوم والحميم ، إلى غير ذلك مما لو بسط جاء في مجلدات . وفي القرآن جميع أسمائه تعالى الحسنى كما ورد في حديث . وفيه أسمائه مطلقاً ألف اسم ، وفيه من أسماء النَّبي صلى الله عليه وسلم جملة . وفيه شعب الإيمان البضع والسبعون . وفيه شرائع الإسلام الثلاثمائة وخمس عشرة . وفيه أنواع الكبائر وكثير من الصغائر . وفيه تصديق كل حديث ورد عن النَّبي صلى الله عليه وسلم - هذه جملة القول في ذلك اهـ كلام السيوطي في الإكليل . وإنما أوردناه برمته مع طوله . لما فيه من إيضاح أن القرآن فيه بيان كل شيء . وإن كانت في الكلام المذكور أشياء جديرة بالانتقاد تركنا مناقشتها خوف الإطالة المملة ، مع كثرة الفائدة في الكلام المذكور في الجملة . وفي قوله تعالى { تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ } وجهان من الإعراب أحدهما - أنه مفعول من أجله . والثاني - أنه مصدر منكر واقع حالاً . على حدِّ قوله في الخلاصة @ ومصدر منكر حالا يقع بكثرة كبغتة زيد طلع @@ تنبيه أظهر القولين أن التبيان مصدر ، ولم يسمع كسر تاء التفعال مصدراً إلا في التبيان والتلقاء . وقال بعض أهل العلم التبيان اسم لا مصدر . قال أبو حيان في البحر والظاهر أن " تبياناً " مصدر جاء على تفعال ، وإن كان باب المصادر يجيء على تفعال بالفتح كالترداد والتطواف . ونظير تبيان في كسر تائه تلقاء ، وقد جوز الزجاج فتحه في غير القرآن . وقال ابن عطية " تِبْيَاناً " اسم وليس بمصدر . وهو قول أكثر النحاة . وروى ثعلب عن الكوفيين ، والمبرد عن البصريين أنه مصدر ، ولم يجىء على تفعال من المصادر إلا ضربان تبيان وتلقاء اهـ - والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى { وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن هذا القرآن العظيم هدى ورحمة وبشرى للمسلمين . ويفهم من دليل خطاب هذه الآية الكريمة - أي مفهوم مخالفتها - أن غير المسلمين ليسوا كذلك . وهذا المفهوم من هذه الآية صرح به جل وعلا في مواضع أخر ، كقوله { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى } فصلت 44 ، وقوله { وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً } الإسراء 82 ، وقوله جل وعلا { وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـٰذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ } التوبة 124 - 125 ، وقوله { وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً } المائدة 64 في الموضعين .