Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 8-8)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه يخلق ما لا يعلم المخاطبون وقت نزولها ، وأبهم ذلك الذي يخلقه لتعبيره عنه بالموصول ولم يصرح هنا بشيء منه ، ولكن قرينة ذكر ذلك في معرض الامتنان بالمركوبات تدل على أن منه ما هو من المركوبات ، وقد شوهد ذلك في إنعام الله على عباده بمركوبات لم تكن معلومة وقت نزول الآية ، كالطائرات ، والقطارات ، والسيارات . ويؤيد ذلك إشارة النَّبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك في الحديث الصحيح . قال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا ليث ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن عطاء بن ميناء ، عن أبي هريرة أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " والله لينزلن ابن مريم حكماً عادلاً فليكسرن الصليب ، وليقتلن الخنزير ، وليضعن الجزية ، ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها ، ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد ، وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد " اهـ . ومحل الشاهد من هذا الحديث الصحيح - " قوله صلى الله عليه وسلم " ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها " فإنه قسم من النًّبي صلى الله عليه وسلم أنه ستترك الإبل فلا يسعى عليها ، وهذا مشاهد الآن للاستغناء عن ركوبها بالمراكب المذكورة . وفي هذا الحديث معجزة عظمى ، تدل على صحة نبوته صلى الله عليه وسلم وإن كانت معجزاته صلوات الله عليه وسلامه أكثر من أن تحصر . وهذه الدلالة التي ذكرنا تسمى دلالة الاقتران ، وقد ضعفها أكثر أهل الأصول ، كما أشار له صاحب مراقي السعود بقوله @ أما قران اللفظ في المشهور فلا يساوي في سوى المذكور @@ وصحح الاحتجاج بها بعض العلماء . ومقصودنا من الاستدلال بها هنا أن ذكر { وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } النحل8 في معرض الامتنان بالمركوبات لا يقل عن قرينة دالة على أن الآية تشير إلى أن من المراد بها بعض المركوبات ، كما قد ظهرت صحة ذلك بالعيان . وقد ذكر في موضع آخر أنه يخلق ما لا يعلمه خلقه غير مقترن بالامتنان بالمركوبات ، وذلك في قوله { سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ } يس 36 .