Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 44-44)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ جمهور القراء " كما تقولون " بتاء الخطاب . وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم " كما يقولون " بياء الغيبة . وفي معنى هذه الآية الكريمة وجهان من التفسير ، كلاهما حق ويشهد له قرآن . وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك أن الآية قد يكون فيها وجهان كلاهما حق ، وكلاهما يشهد له قرآن فنذكر الجميع لأنه كله حق . الأول من الوجهين المذكورين - أن معنى الآية الكريمة لو كان مع الله آلهة أخرى كما يزعم الكفار لابتغوا - أي الآلهة المزعومة - أي لطلبوا إلى ذي العرش - أي إلى الله سبيلاً - أي إلى مغالبته وإزالة ملكه ، لأنهم إذاً يكونون شركاءه كما يفعل الملوك بعضهم مع بعض . سبحان الله وتعالى عن ذلك علواً كبيراً ! وهذا القول في معنى الآية هو الظاهر عندي ، وهو المتبادر من معنى الآية الكريمة . ومن الآيات الشاهدة لهذا المعنى قوله تعالى { مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُون عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } المؤمنون91 - 92 ، وقوله { لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } الأنبياء22 وهذا المعنى في الآية مروي عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وأبي علي الفارسي ، والنقاش ، وأبي منصور ، وغيره من المتكلمين . الوجه الثاني في معنى الآية الكريمة أن المعنى { لاَّبْتَغَوْاْ إِلَىٰ ذِي ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً } أي طريقاً ووسيلة تقربهم إليه لاعترافهم بفضله . ويدل لهذا المعنى قوله تعالى { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ } الإسراء57 الآية . ويروى هذا القول عن قتادة . واقتصر عليه ابن كثير في تفسيره . ولا شك أن المعنى الظاهر المتبادر من الآية بحسب اللغة العربية هو القول الأول ، لأن في الآية فرض المحال ، والمحال المفروض الذي هو وجود آلهة مع الله مشاركة له لا يظهر معه أنها تتقرب إليه ، بل تنازعه لو كانت موجودة ، ولكنها معدومة مستحيلة الوجود . والعلم عند الله تعالى .