Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 30-30)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن من عمل صالحاً وأحسن في عمله أنه جل وعلا لا يضيع أجره ، أي جزاء عمله بل يجازي بعمله الحسن الجزاء الأوفى . وبين هذا المعنى في آيات كثيرة جداً ، كقوله تعالى { فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ } آل عمران 195 . وقوله تعالى { يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } آل عمران 171 وقوله { هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ } الرحمن 60 الآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة جداً . وفي هذا المعنى الكريمة سؤلان معروفان عند العلماء الأول - أن يقال أين خبر " إن " في قوله تعالى { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } الآية ؟ فإذا قيل خبرها جملة { إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } توجه السؤال . الثاني - وهو أن يقال أين رابط الجملة الخبرية بالمبتدأ الذي هو اسم " إن " ؟ . اعلم أن خبر " إن " في قوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } قيل هو جملة { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ } الكهف 31 وعليه فقوله { إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } جملة اعتراضية . وعلى هذا فالرابط موجود ولا إشكال فيه . وقيل " إن " الثانية واسمها وخبرها ، كل ذلك خبر " إن " الأولى . ونظير الآية من القرآن في الإخبار عن " إن " بـ " إن " وخبرها واسمها قوله تعالى في سورة " الحج " { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئِينَ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلْمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ } الحج 17 الآية ، وقول الشاعر @ إن الخليفة إن الله ألبسه سربال ملك به ترجى الخواتيم @@ على أظهر الوجهين في خبر " إن " الأولى في البيت . وعلى هذا فالجواب عن السؤال الثاني من وجهين الأول - أن الضمير الرابط محذوف ، تقديره لا نضيع أجر من أحسن منهم عملاً كقولهم السمن منوان بدرهم ، أي منوان منه بدرهم ، كما تقدم في قوله تعالى { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ } البقرة 234 الآية . أي يتربص بعدهم . الوجه الثاني - أن من { مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات . وإذا كان الذين آمنوا ، ومن أحسن عملاً ينظمها معنى واحد قام ذلك مقام الربط بالضمير . وهذا هو مذهب الأخفش ، وهو الصواب . لأن الربط حاصل بالاتحاد في المعنى .