Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 63-63)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الإشارة في قوله " تلك " إلى ما تقدم من قوله { فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ } مريم 60 - 61 الآية . وقد بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه يورث المتقين من عباده جنته . وقد بين هذا المعنى أيضاً في مواضع أخر ، كقوله تعالى { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ } المؤمنون 1 - 2 - إلى قوله - { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } المؤمنون 10 - 11 وقوله { وَسَارِعُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } آل عمران 133 الآيات ، وقوله تعالى { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً } الزمر 73 الآية ، وقوله { وَنُودُوۤاْ أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } الأعراف 43 ، إلى غير ذلك من الآيات . ومعنى إيراثهم الجنة الإنعام عليهم بالخلود فيها في أكمل نعيم وسرور . قال الزمخشري في الكشاف نورث أي نبقي عليه الجنة كما نبقي علىالوارث مال الموروث ، ولأن الأتقياء يلقون ربهم يوم القيامة قد انقضت أعمالهم ، وثمرتها باقية وهي الجنة . فـإذا أدخلهم الجنة فقد أورثهم من تقواهم كما يورث الوارث المال من المتوفى . وقال بعض أهل العلم معنى إيراثهم الجنة أن الله تعالى خلق لكل نفس منزلاً في الجنة . ومنزلاً في النار . فإذا دخل أهل الجنة الجنة أراهم منازلهم في النار لو كفروا وعصوا الله ليزداد سرورهم وغبطتهم وعند ذلك يقولون { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ } الأعراف 43 الآية . وكذلك يرى أهل النار منازلهم في الجنة لو آمنوا واتقوا الله لتزداد ندامتهم وحسرتهم ، وعند ذلك يقول الواحد منهم { لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } الزمر 57 . ثم إنه تعالى يجعل منازل أهل الجنة في النار لأهل النار ، ومنازل أهل النار في الجنة لأهل الجنة فيرثون منازل أهل النار في الجنة . وهذا هو معنى الإيراث المذكور على هذا القول . قال مقيدة عفا الله عنه وغفر له قد جاء حديث يدل لما ذُكر من أن لكل أحد منزلاً في الجنة ومنزلاً في النار ، إلا أن حمل الآية عليه غير صواب ، لأن أهل الجنة يرثون من الجنة منازلهم المعدة لهم بأعمالهم وتقواهم ، كما قد قال تعالى { وَنُودُوۤاْ أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } الأعراف 43 ونحوها من الآيات . ولو فرضنا أنهم يرثون منازل أهل النار فحمل الآية على ذلك يوهم أنهم ليس لهم في الجنة إلا ما أورثوا من منازل أهل النار والواقع بخلاف ذلك كما ترى . والحديث المذكور هو ما رواه الإمام أحمد في المسند ، والحاكم في المستدرك من حديث أبي هريرة " كل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول لولا أن الله هداني فيكون له شكر . وكل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول لولا أن الله هداني فيكون عليه حسرة " اهـ . وعلم في الجامع الصغير على هذا الحديث علامة الصحة . وقال شارحه المناوي قال الحاكم صحيح على شرطهما وأقره الذهبي . وقال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح اهـ .