Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 20-20)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { يَكَادُ ٱلْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ } . أي يكاد نور القرآن لشدة ضوئه يعمي بصائرهم ، كما أن البرق الخاطف الشديد النور يكاد يخطف بصر ناظره ، ولا سيما إذا كان البصر ضعيفاً . لأن البصر كلما كان أضعف كان النور أشد إذهاباً له . كما قال الشاعر @ مثل النهار يزيد أبصار الورى نوراً ويعمي أعينَ الخفّاش @@ وقال الآخر @ خفافيش أعماها النهار بضوئه ووافقها قطع من الليلِ مظلم @@ وبصائر الكفار والمنافقين في غاية الضعف . فشدة ضوء النور تزيدها عمى . وقد صرح تعالى بهذا العمى في قوله { أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ٱلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ } الرعد 19 وقوله { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ } فاطر 19 إلى غير ذلك من الآيات . وقال بعض العلماء يكاد البرق يخطف أبصارهم أي يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين . قوله تعالى { كُلَّمَا أَضَآءَ لَهُمْ مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ } . ضرب الله في هذه الآية المثل للمنافقين بأصحاب هذا المطر إذا أضاء لهم مشوا في ضوئه وإذا أظلم وقفوا ، كما أن المنافقين ، إذا كان القرآن موافقاً لهواهم ورغبتهم عملوا به ، كمناكحتهم للمسلمين وإرثهم لهم ، والقسم لهم من غنائم المسلمين ، وعصمتهم به من القتل مع كفرهم في الباطن ، وإذا كان غير موافق لهواهم ، كبذل الأنفس والأموال في الجهاد في سبيل الله المأمور به فيه وقفوا وتأخروا . وقد أشار تعالى إلى هذا بقوله { وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُوۤاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ } النور 48 - 49 . وقال بعض العلماء { كُلَّمَا أَضَآءَ لَهُمْ مَّشَوْاْ فِيهِ } أي إذا أنعم الله عليهم بالمال والعافية قالوا هذا الدين حق ، ما أصابنا منذ تمسكنا به إلا الخير ، { وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ } أي وإن أصابهم فقر أو مرض أو ولدت لهم البنات دون الذكور . قالوا ما أصابنا هذا إلا من شؤم هذا الدين وارتدوا عنه . وهذا الوجه يدل له قوله تعالى { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ٱطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ ٱنْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةَ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } الحج 11 . وقال بعض العلماء إضاءته لهم معرفتهم بعض الحق منه ، وإظلامه عليهم ما يعرض لهم من الشك فيه .