Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 7-7)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ } الآية - لا يخفى أن الواو في قوله { وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ } محتملة في الحرفين أن تكون عاطفة على ما قبلها ، وأن تكون استئنافية . ولم يبين ذلك هنا ، ولكن بين في موضع آخر أن قوله { وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ } معطوف على قوله { عَلَىٰ قُلُوبِهمْ } وأن قوله { وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ } استئناف ، والجار والمجرور خبر المبتدأ الذي هو { غِشَاوَةٌ } وسوغ الابتداء بالنكرة فيه اعتمادها على الجار والمجرور قبلها . ولذلك يجب تقديم هذا الخبر ، لأنه هو الذي سوغ الابتداء بالمبتدأ كما عقده في الخلاصة بقوله @ ونحو عندي درهم ولي وطر ملتزم فيه تقدُّم الخبر @@ فتحصل أن الختم على القلوب والأسماع ، وأن الغشاوة على الأبصار ، وذلك في قوله تعالى { أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً } الجاثية 23 . والختم الاستيثاق من الشيء حتى لا يخرج منه داخل فيه ولا يدخل فيه خارج عنه ، والغشاوة الغطاء على العين يمنعها من الرؤية ، ومنه قول الحارث بن خالد بن العاص @ هويتك إذ عيني عليها غشاوة فلما انجلت قطعت نفسي ألومها @@ وعلى قراءة من نصب " غشاوة " فهي منصوبة بفعل محذوف أي وجعل على أبصارهم غشاوة كما في سورة الجاثية ، وهو كقوله @ علفتها تبناً وماءاً بارداً حتى شتت همالة عيناها @@ وقول الآخر @ ورأيت زوجك في الوغى متقلداً سيفاً ورمحا @@ وقول الآخر @ إذا ما الغانيات برزن يوماً وزججن الحواجب والعيونا @@ كما هو معروف في النحو . وأجاز بعضهم كونه معطوفاً على محل المجرور ، فإن قيل قد يكون الطبع على الأبصار أيضاً ، كما في قوله تعالى في سورة النحل { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ } النحل 108 الآية . فالجواب أن الطبع على الأبصار المذكور في آية النحل هو الغشاوة المذكورة في سورة البقرة والجاثية ، والعلم عند الله تعالى .