Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 99-99)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { كَذٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ } . الكاف في قوله { كَذٰلِكَ } في محل نصب على أنه نعت لمصدر محذوف ، أي نقص عليك من أنباء ما سبق قصصاً مثل ذلك القصص الحسن الحق الذي قصصنا عليك عن موسى وهارون ، وعن موسى وقومه والسامري . والظاهر أن " من " في قوله { مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ } للتبعيض ، ويفهم من ذلك أن بعضهم لم يقصص عليه خبره ويدل لهذا المفهوم قوله تعالى في سورة " النساء " { وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ } النساء 164 الآية ، وقوله في سورة " المؤمن " { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ } غافر 78 الآية ، وقوله في سورة " إبراهيم " { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ } إبراهيم 9 الآية . والأنباء جمع نبأ وهو الخبر الذي له شأن . وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أنه قص على نبيه صلى الله عليه وسلم أخبار الماضين . أي ليبين بذلك صدق نبوته ، لأنه أمي لا يكتب ولا يقرأ الكتب ، ولم يتعلم أخبار الأمم وقصصهم . فلولا أن الله أوحى إليه ذلك لما علمه بينه أيضاً في غير هذا الموضع ، كقوله في " آل عمران " { ذٰلِكَ مِنْ أَنَبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ } آل عمران 44 أي فلولا أن الله أوحى إليك ذلك لما كان لك علم به . وقوله تعالى في سورة " هود " أيضاً { وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ } هود 120 الآية . وقوله تعالى في سورة " يوسف " { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ } يوسف 102 ، وقوله في " يوسف " أيضاً { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلْغَافِلِينَ } يوسف 3 ، وقوله في " القصص " { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ } القصص 44 ، وقوله فيها { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا } القصص 46 ، وقوله { وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا } القصص 45 ، إلى غير ذلك من الآيات . يعني لم تكن حاضراً يا نبي الله لتلك الوقائع ، فلولا أن الله أوحى إليك ذلك لما علمته . وقوله { مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ } أي أخبار ما مضى من أحوال الأمم والرسل . وقوله تعالى { وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً } . أي أعطيناك من عندنا ذكراً وهو هذا القرآن العظيم ، وقد دلت على ذلك آيات من كتاب الله . كقوله { وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } الأنبياء 50 ، وقوله تعالى { ذٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَٱلذِّكْرِ ٱلْحَكِيمِ } آل عمران 58 ، وقوله تعالى { مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ إِلاَّ ٱسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ } الأنبياء 2 وقوله { وَقَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ } الحجر 6 ، وقوله تعالى { صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ } ص 1 ، وقوله تعالى { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } الزخرف 44 الآية ، وقوله { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } الحجر 9 إلى غير ذلك من الآيات . وقال الفخر الرازي في تفسير هذه الآية الكريمة ثم في تسمية القرآن بالذكر وجوه أحدها أنه كتاب فيه ذكر ما يحتاج إليه الناس من أمر دينهم ودنياهم . وثانيها أنه يذكر أنواع آلاء الله ونعمائه تعالى . ففيه التذكير والمواعظ . وثالثها أنه فيه الذكر والشرف لك ولقومك على ما قال { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } . واعلم أن الله تعالى سمى كل كتبه ذكراً فقال { فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ } النحل 43 ا هـ المراد من كلام الرازي . ويدل للوجه الثاني في كلامه قوله تعالى { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو ٱلأَلْبَابِ } ص 29 ، وقوله تعالى { وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً } طه 113 .