Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 81-81)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ } معطوف على معمول " سَخَّرْنَا " ، في قوله { وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ ٱلْجِبَالَ } الأنبياء 79 أي وسخرنا لسليمان الريح في حال كونها عاصفة . أي شديدة الهبوب . يقال عصفت الريح أي اشتدت ، فهي ريح عاصف وعصوف ، وفي لغة بني أسد أعصفت فهي معصف ومعصفة ، وقد قدمنا بعض شواهده العربية في سورة الإسراء . وقوله { تَجْرِي بِأَمْرِهِ } أي تطيعه وتجري إلى المحل الذي يأمرها به ، وما ذكره في هذه الآية من تسخير الريح لسليمان ، وأنها تجري بأمره بينه في غير هذا الموضع وزاد بيان قدر سرعتها ، وذلك في قوله { وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ } سبأ 12 ، وقوله { فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ } ص 36 . تنبيه اعلم أن في هذه الآيات التي ذكرنا سؤالين معروفين الأول أن يقال إن الله وصف الريح المذكورة هنا في سورة " الأنبياء " بأنها عاصفة . أي شديدة الهبوب ، ووصفها في سورة " ص " بأنها تجري بأمره رخاء . والعاصفة غير التي تجري رخاء . والسؤال الثاني هو أنه هنا في سورة " الأنبياء " خص جريها به بكونه إلى الأرض التي بارك فيها للعالمين ، وفي سورة " ص " قال { تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ } ، وقوله { حَيْثُ أَصَابَ } أي حيث أراد . قاله مجاهد . وقال ابن الأعرابي العرب تقول أصاب الصواب ، وأخطأ الجواب أي أراد الصواب وأخطأ الجواب . ومنه قول الشاعر @ أصاب الكلام فلم يستطع فأخطأ الجواب لدى المفصل @@ قاله القرطبي . وعن رؤبة أن رجلين من أهل اللغة قصداه ليسألاه عن معنى " أصاب " . فخرج إليهما فقال أين تصيبان ؟ فقالا هذه طلبتنا . ورجعا . أما الجواب عن السؤال الأول فمن وجهين الأول أنها عاصفة في بعض الأوقات ، ولينة رخاء في بعضها بحسب الحاجة . كأن تعصف ويشتد هبوبها في أول الأمر حتى ترفع البساط الذي عليه سليمان وجنوده ، فإذا ارتفع سارت به رخاء حيث أصاب . الجواب الثاني هو ما ذكره الزمخشري قال فإن قلت وصفت هذه الريح بالعصف تارة وبالرخاء أخرى ، فما التوفيق بينهما ؟ قلت كانت في نفسها رخية طيبة كالنسيم ، فإذا مرت بكرسيه أبعدت به في مدة يسيرة ، على ما قال { غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ } . فكان جمعها بين الأمرين أن تكون رخاء في نفسها ، وعاصفة في عملها مع طاعتها لسليمان ، وهبوبها على حسب ما يريد يحتكم ا هـ محل الغرض منه . وأما الجواب عن السؤال الثاني فهو أن قوله { حَيْثُ أَصَابَ } يدل على أنها تجري بأمره حيث أراد من أقطار الأرض . وقوله { تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } لأن مسكنه فيها وهي الشام ، فترده إلى الشام . وعليه فقوله { حَيْثُ أَصَابَ } في حالة الذهاب . وقوله { إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } في حالة الإياب إلى محل السكنى . فانفكت الجهة فزال الإشكال . وقد قال نابغة ذبيان @ إلا سليمان إذ قال الإله له قم في البرية فاحددها عن الفند وخيس الجن إني قد أذنت لهم يبنون تدمر بالصفاح والعمد @@ وتدمر بلد بالشام . وذلك مما يدل على أن الشام هو محل سكناه كما هو معروف .