Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 10-10)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى أن الكافر إذا أذيق يوم القيامة عذاب الحريق ، يقال له ذلك أي هذا العذاب الذي نذيقكه بسبب ما قدمت يداك أي قدمته في الدنيا من الكفر ولامعاصي { وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلعَبِيدِ } فلا يظلم أحداً مثقال ذرة . { وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } النساء 40 والظاهر أن المصدر المنسبك من أن وصلتها في قوله { وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلعَبِيدِ } في محل خفض عطفاً على ما المجرورة بالباء . والمعنى هذا العذاب الذي يذيقكه الله حصل لك بسببين ، وهما ما قدمته يداك ، من عمل السوء من الكفر والمعاصي وعدالة من جازاك ، ذلك الجزاء الوفاق ، وعدم ظلمه . وقد أوضحنا فيما مضى إزالة الإشكال المعروف في نفي صيغة المبالغة ، في قوله { لَيْسَ بِظَلاَّمٍ } فأغنى ذلك عن إعادته هنا . وفي هذه الآية الكريمة ثلاثة أسئلة الأول هو ما ذكرنا آنفاً أنا أوضحنا الجواب عنه سابقاً ، وهو أن المعروف في علم العربية ، أن النفي إذا دخل على صيغة المبالغة ، لم يقتض نفي أصل الفعل . فلو قلت ليس زيد بظلام للناس ، فمعناه المعروف أنه غير مبالغ في الظلم ، ولا ينافي ذلك حصول مطلق الظلم منه . وقد قدمنا إيضاح هذا . والسؤال الثاني أنه أسند كل ما قدم إلى يديه في قوله { بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } وكفره الذي هو أعظم ذنوبه ، ليس من فعل اليد ، وإنما هو من فعل القلب واللسان ، وإن كان بعض أنواع البطش باليد ، يدل على الكفر ، فهو في اللسان والقلب أظهر منه في اليد . وزناه لم يفعله بيده ، بل بفرجه ، ونحو ذلك من المعاصي التي تزاول بغير اليد . والجواب عن هذا ظاهر وهو أن من أساليب اللغة العربية ، التي نزل بها القرآن إسناد جميع الأعمال إلى اليد ، نظراً إلى أنها الجارحة التي يزاول بها أكثر الأعمال فغلبت على غيرها ، ولا إشكال في ذلك . والسؤال الثالث هو أن يقال ما وجه إشارة البعد في قوله { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } مع أن العذاب المشار إليه قريب منه حاضر ؟ . والجواب عن هذا أن من أساليب اللغة العربية وضع إشارة البعد موضع إشارة القرب . وقد أوضحنا هذه المسألة في كتابنا دفع إيهام الاضطراب . عن آيات الكتاب في الكلام على قوله تعالى في أول سورة البقرة { الۤمۤ ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } البقرة 1 - 2 الآية أي هذا الكتاب . ومن شواهد ذلك في اللغة العربية قول خفاف بن ندبة السلمي @ فإن تك خيلي قد أصيب صميمها فعمداً على عيني تيممت مالكا أقول له والرمح يأطر متنه تأمل خفافاً إنني أنا ذلكا @@ يعني أن هذا ، وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أن الكافر يقال له يوم القيامة { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } الآية لا يخفى أنه توبيخ ، وتقريع ، وإهانة له ، وأمثال ذلك القول في القرآن كثيرة كقوله تعالى { خُذُوهُ فَٱعْتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ } الدخان 47 - 50 وقوله تعالى { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ ٱصْلَوْهَا فَٱصْبِرُوۤاْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } الطور 13 - 16 والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً .