Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 32-32)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قد ذكرنا قريباً أنا ذكرنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك : أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يذكر لفظ عام ، ثم يصرح في بعض المواضع بدخول بعض أفراد ذلك العام فيه ، فيكون ذلك الفرد قطعي الدخول لا يمكن إخراجه بمخصص ، وواعدنا بذكر بعض أمثلته في هذه الآيات . ومرادنا بذلك هذه الآية الكريمة لأن قوله تعالى : { ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ ٱللَّهِ } عام في جميع شعائر الله ، وقد نص تعالى على أن البدن فرد من أفراد هذا العموم ، داخل فيه قطعاً وذلك في قوله : { وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ ٱللَّهِ } [ الحج : 36 ] فيدخل في الآية تعظيم البدن واستسمانها واستحسانها كما قدمنا عن البخاري : أنهم كانوا يسمنون الأضاحي ، وكانوا يرون أن ذلك من تعظيم شعائر الله . وقد قدمنا أن الله صرح بأن الصفا والمروة داخلان في هذا العموم بقوله : { إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِ } [ البقرة : 158 ] الآية وأن تعظيمها المنصوص في هذه الآية : يدل على عدم التهاون بالسعي بين الصفا والمروة كما تقدم إيضاحه في مبحث السعي ، وقوله في هذه الآية ذلك فيه ثلاث أوجه من الإعراب . الأول : أن يكون في محل رفع بالابتداء والخبر محذوف : أي ذلك حكم الله وأمره . الثاني : أن يكون خبر مبتدأ محذوف : أي اللازم ذلك أو الواجب ذلك . الثالث : أن يكون في محل نصب بفعل محذوف ، أي اتبعوا ذلك أو امتثلوا ذلك ، ومما يشبه هذه الإشارة في كلام العرب قول زهير : @ هذا وليس كمن يعي بخطته وسط الندى إذا ما قائل نطقا @@ قاله القرطبي وأبو حيان والضمير المؤنث في قوله : { فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ } قال القرطبي : هو عائد إلى الفعلة التي يتضمنها الكلام ، ثم قال : وقيل إنه راجع إلى الشعائر بحذف مضاف : أي فإن تعظيمها أي الشعائر فحذف المضاف لدلالة الكلام عليه فرجع الضمير إلى الشعائر . اهـ . وقال الزمخشري في الكشاف : فإنها من تقوى القلوب أي فإن تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب ، فحذفت هذه المضافات ولا يستقيم المعنى إلا بتقديرها ، لأنه لا بد من راجع من الجزاء إلى من ليرتبط به اهـ . منه .