Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 46-46)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } . بين الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن كفار مكة الذين كذبوا نبينا صلوات الله وسلامه عليه ، ينبغي لهم أن يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها ، أو آذان يسمعون بها ، لأنهم إذا سافروا مروا بأماكن قوم صالح ، وأماكن قوم لوط ، وأماكن قوم هود ، فوجدوا بلادهم خالية وآثارهم منطمسة لم يبق منهم داع ولا مجيب ، لتكذيبهم رسلهم ، وكفرهم بربهم ، فيدركون بعقولهم : أن تكذيبهم نبيهم لا يؤمن أن يسبب لهم من سخط الله مثل ما حل بأولئك الذين مروا بمساكنهم خالية ، قد عم أهلها الهلاك ، وتكون لهم آذان يسمعون بها ما قص الله في كتابه على نبيه من أخبار تلك الأمم ، وما أصابها من الإهلاك المستأصل والتدمير ، فيحذروا أن يحل بهم مثل ما حل بأولئك . والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة كقوله تعالى : { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } [ محمد : 10 ] ثم بين تهديده لكفار مكة بما فعل بالأمم الماضية في قوله : { وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا } [ محمد : 10 ] وكقوله في قوم لوط : { وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ وَبِٱلْلَّيْلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [ الصافت : 137 - 138 ] وكقوله فيهم : { وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ } [ الحجر : 76 ] الآية ، وكقوله في قوم لوط وقوم شعيب : { أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ } [ الحجر : 78 ] { وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ } [ الحجر : 79 ] لأن معنى الآيتين : أن ديارهم على ظهر الطريق الذي يمرون فيه المعبر عنه بالسبيل والإمام ، والآيات بمثل هذا كثيرة . وقد قدمنا منها جملاً كافية في سورة المائدة وغيرها . والآية تدل على أن محل العقل : في القلب ، ومحل السمع ، في الأذن ، فما يزعمه الفلاسفة من أن محل العقل الدماغ باطل ، كما أوضحناه في غير هذا الموضع ، وكذلك قول من زعم أن العقل لا مركز له أصلاً في الإنسان لأنه زماني فقط لا مكاني فهو في غاية السقوط والبطلان كما ترى . قوله تعالى : { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ } . قد قدمنا الآيات الموضحة لمعنى هذه الآية في سورة بني إسرائيل ، في الكلام على قوله تعالى : { وَمَن كَانَ فِي هَـٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ أَعْمَىٰ } [ الإسراء : 72 ] الآية . مع بعض الشواهد العربية ، فأغنى ذلك عن إعادته هنا .