Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 107-108)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن أهل النار يدعون ربهم فيها فيقولون : ربنا أخرجنا منها فإن عدنا إلى ما لا يرضيك بعد إخراجنا منها ، فإنا ظالمون ، وأن الله يجيبهم بقوله : { ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } أي امكثوا فيها خاسئين : أي أذلاء صاغرين حقيرين ، لأن لفظة اخسأ إنما تقال للحقير الذليل ، كالكلب ونحوه . فقوله : { ٱخْسَئُواْ فِيهَا } أي ذلوا فيها ماكثين في الصغار والهوان . وهذا الخروج من النار الذي طلبوه قد بين تعالى أنهم لا ينالونه كقوله تعالى { يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } [ المائدة : 37 ] وقوله تعالى : { كَذَلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ } [ البقرة : 167 ] وقوله تعالى : { كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُواْ فِيهَا } [ الحج : 22 ] الآية ، وقوله تعالى : { كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا } [ السجدة : 20 ] إلى غير ذلك من الآيات . وقد جاء في القرآن أجوبة متعددة لطلب أهل النار فهنا قالوا : { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا } فأجيبوا { ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } وفي السجدة قالوا { رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً } [ السجدة : 12 ] فأجيبوا { وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ } [ السجدة : 13 ] الآية ، وفي سورة المؤمن { قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ } [ غافر : 11 ] فأجيبوا { ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ فَٱلْحُكْمُ للَّهِ ٱلْعَلِـيِّ ٱلْكَبِيرِ } [ غافر : 12 ] وفي الزخرف { وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } [ الزخرف : 77 ] فأجيبوا { إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } [ الزخرف : 77 ] وفي سورة إبراهيم { فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ } [ إبراهيم : 44 ] فيجابون { أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } [ إبراهيم : 44 ] وفي سورة فاطر { وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ } [ فاطر : 37 ] فيجابون { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } [ فاطر : 37 ] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على مثل هذه الأجوبة . وعن ابن عباس : أن بين كل طلب منها وجوابه ألف سنة والله أعلم . وقوله في هذه الآية : ولا تكلمون : أي في رفع العذاب عنكم ، ولا إخراجكم من النار أعاذنا الله وإخواننا المسلمين منها .