Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 112-113)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
في هذه الآية سؤال معروف : وهو أنهم لما سئلوا يوم القيامة عن قدر مدة لبثهم في الأرض في الدنيا أجابوا بأنهم لبثوا يوماً أو بعض يوم ، مع أنه قد دلت آيات أخر على أنهم أجابوا بغير هذا الجواب كقوله تعالى : { يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً } [ طه : 103 ] والعشر أكثر من يوم أو بعضه ، وكقوله تعالى : { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ } [ الروم : 55 ] والساعة : أقل من يوم أو بعضه ، وقوله : { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا } [ النازعات : 46 ] وقوله : { كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ ٱلنَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ } [ يونس : 45 ] وقوله تعالى : { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَاسِقُونَ } [ الأحقاف : 35 ] . وقد بينا الجواب عن هذا السؤال في كتابنا : دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب في الكلام على هذه الآية بما حاصله : أن بعضهم يقول لبثنا يوماً أو بعض يوم ، ويقول بعض آخر منهم : لبثنا ساعة ويقول بعض الآخر منهم : لبثنا عشراً . والدليل على هذا الجواب من القرآن أنه تعالى بين أن أقوالهم إدراكاً ، وأرجحهم عقلاً ، وأمثلهم طريقة هو من يقول : إنهم ما لبثوا إلا يوماً واحداً ، وذلك في قوله تعالى : { يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً } [ طه : 103 - 104 ] فالآية صريحة في اختلاف أقوالهم ، وعلى ذلك فلا إشكال والعلم عند الله تعالى . وقوله تعالى : { فَاسْأَلِ ٱلْعَآدِّينَ } أي الحاسبين ، الذين يضبطون مدة لبثنا ، وقرأ ابن كثير والكسائي بنقل حركة الهمزة إلى السين ، وحذف الهمزة . والباقون : فاسأل بغير نقل ، وقرأ ابن كثير والكسائي : قل كم لبثتم بضم القاف وسكون اللام بصيغة الأمر ، وقرأ الباقون : قال كم لبثتم بفتح القاف بعدها ألف وفتح اللام بصيغة الفعل الماضي . وقال الزمخشري ما حاصله ، إنه على قراءة قال بصيغة الماضي فالفاعل ضمير يعود إلى الله ، أو إلى من أمر بسؤالهم من الملائكة ، وعلى قراءة قل بصيغة الأمر ، فالضمير راجع إلى الملك المأمور بسؤالهم أو بعض رؤساء أهل النار هكذا قال . والله تعالى أعلم . وقد صدقهم الله جل وعلا وفي قلة لبثهم في الدنيا بقوله : { قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [ المؤمنون : 114 ] لأن مدة مكثهم في الدنيا قليلة جداً . بالنسبة إلى طول مدتهم خالدين في النار ، والعياذ بالله . وقرأ حمزة والكسائي : قل إن لبثتم إلا قليلاً بصيغة الأمر والباقون بصيغة الماضي .