Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 55-55)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات من هذه الأمة ليستخلفنّهم في الأرض : أي ليجعلنهم خلفاء الأرض ، الذين لهم السيطرة فيها ، ونفوذ الكلمة ، والآيات تدل على أنّ طاعة الله بالإيمان به ، والعمل الصالح سبب للقوّة والاستخلاف في الأرض ونفوذ الكلمة ، كقوله تعالى : { وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي ٱلأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ } [ الأنفال : 26 ] الآية . وقوله تعالى : { وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأُمُورِ } [ الحج : 40ـ41 ] وقوله تعالى : { إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } [ محمد : 7 ] إلى غير ذلك من الآيات . وقوله تعالى في هذه الآيات الكريمة : { كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي كبني إسرائيل . ومن الآيات الموضحة لذلك : قوله تعالى : { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرونَ } [ القصص : 5ـ6 ] وقوله تعالى عن موسى عليه السلام وعلى نبيّنا الصلاة والسلام : { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } [ الأعراف : 129 ] وقوله تعالى : { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } [ الأعراف : 137 ] الآية . إلى غير ذلك من الآيات . وقوله تعالى : { لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ } ، اللام موطئة لقسم محذوف : أي وعدهم الله ، وأقسم في وعده ليستخلفنهم . قوله تعالى : { وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرْتَضَىٰ لَهُم } هذا الدين الذي ارتضاه لهم هو دين الإسلام بدليل قوله تعالى : { ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلاَمَ دِيناً } [ المائدة : 3 ] . وقوله تعالى : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ } [ آل عمران : 19 ] . وقوله تعالى : { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } [ آل عمران : 85 ] . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُم } . قال الزمخشري تمكينه هو تثبيته وتوطيده .